الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }

يخبر تعالى عن خلقه العالَم العلوي وهو السماوات، والعالَم السفلي وهو الأرض بما حوت، وأن ذلك مخلوق بالحق لا للعبث به بللِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } [النجم: 31]، ثم نزه نفسه عن شرك من عبد معه غيره وهو المستقل بالخلق وحده لا شريك له، فلهذا يستحق أن يعبد وحده لا شريك له ثم نبّه على خلق جنس الإنسان { مِن نُّطْفَةٍ } أي مهينة ضعيفة، فلما استقل ودرج إذا هو يخاصم ربه تعالى ويكذبه ويحارب رسله، وهو إنما خلق ليكون عبداً لا ضداً كقوله تعالى:وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً } [الفرقان: 55]، وقوله:أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } [يس: 77]. وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن بشر بن جحاش قال: بصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفه، ثم قال: " يقول الله تعالى: ابن آدم! أنَّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك فعدلتك مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: أتصدق، وأنَّى أوان الصدقة؟ ".