الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ } * { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ }

يقول تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم: كما آتيناك القرآن العظيم فلا تنظرن إلى الدنيا وزينتها، وما متعنا به أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه، فلا تغبطهم بما هم فيه، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات حزناً عليهم في تكذيبهم لك ومخالفتهم دينك،وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الشعراء: 215] أي ألن لهم جانبك، كقوله:لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [التوبة: 128]، وقد اختلف في السبع المثاني ما هي؟ فقال ابن مسعود وابن عباس: هي السبع الطوال، يعنون " البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس " ، وقال سعيد: بين فيهن الفرائض والحدود والقصص والأحكام، وقال ابن عباس: بيَّن الأمثال والخبر والعبر، ولم يعطهن أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وأعطي موسى منهن ثنتين، (والقول الثاني): إنها الفاتحة وهي سبع آيات. قال ابن عباس: والبسملة هي الآية السابعة، وقد خصكم الله بها، وقال قتادة: ذكر لنا أنهن فاتحة الكتاب وأنهن يثنين في كل ركعة مكتوبة أو تطوع؛ واختاره ابن جرير، واحتج بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد أورد البخاري رحمه الله هٰهنا حديثين (أحدهما) عن أبي سعيد بن المعلى قال: " مرّ بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي فدعاني، فلم آته حتى صليت فأتيته، فقال: " ما منعك أن تأتيني "؟ فقلت: كنت أصلي، فقال: " ألم يقل الله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم } ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد "؟ فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرت فقال: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته " (الثاني) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم " ، فهذا نص في الفاتحة هي (السبع المثاني) والقرآن العظيم، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطوال بذلك لما فيها من هذه الصفة، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضاً، كما قال تعالى:ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ } [الزمر: 23] فهو مثاني من وجه ومتشابه من وجه وهو القرآن العظيم أيضاً، كما أنه عليه الصلاة والسلام لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فأشار إلى مسجده والآية نزلت في مسجد قباء، فلا تنافي، فإن ذكر الشيء لا ينفي ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصفة والله أعلم. وقوله: { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } أي استغن بما آتاك الله من القرآن العظيم عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية.

السابقالتالي
2