الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } * { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }

قال ابن عباس: قوله: { مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً }: شهادة أن لا إلٰه إلا الله { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } وهو المؤمن { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } يقول: لا إلٰه إلا الله في قلب المؤمن، { وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء، وقال البخاري " عن ابن عمر قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أخبروني عن شجرة تشبه - أو - كالرجل المسلم، لا يتحات ورقها صيفاً ولا شتاء، وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، قال ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان، فكرهت أن أتكلم، فلما لم يقولوا شيئاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هي النخلة " ، فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة، قال: ما منعك أن تتكلم؟ قلت: لم أركم تتكلمون، فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئاً، قال عمر: لأن تكون قلتها أحب إليَّ من كذا وكذا " وعن ابن عباس: { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } قال: هي شجرة في الجنة. وقوله: { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } قيل: غدوة وعشياً، وقيل: كل شهر، وقيل: كل شهرين، وقيل غير ذلك. والظاهر من السياق أن المؤمن مثله كمثل شجرة، لا يزال يوجد منها ثمرة في كل وقت، من صيف أو شتاء أو ليل أو نهار، كذلك المؤمن لا يزال يرفع له عمل صالح آناء الليل وأطراف النهار في كل وقت وحين { بِإِذْنِ رَبِّهَا } أي كاملاً حسناً كثيراً طيباً مباركاً { وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }. وقوله تعالى: { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } هذا مثل كفر الكافر لا أصل له ولا ثبات، مشبه بشجرة الحنظل، وقوله: { ٱجْتُثَّتْ } أي استؤصلت { مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } أي لا أصل لها ولا ثبات، كذلك الكفر لا أصل له ولا فرع، ولا يصعد للكافر عمل ولا يتقبل منه شيء.