الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ }

يخبر تعالى عما دار بين الكفار وبين رسلهم من المجادلة، وذلك أن أممهم لما واجهوهم بالشك فيما جاؤوهم به من عبادة الله وحده لا شريك له، قالت الرسل: { أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ } ، أفي وجوده شك؟ فإن الفطر شاهدة بوجوده ومجبولة على الإقرار به، فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة، ولكن قد يعرض لبعضها شك واضطرار، فتحتاج إلى النظر في الدليل الموصل إلى وجوده، ولهذا قالت الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه: { فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الذي خلقهما وابتدعهما على غير مثال سبق، فإن شواهد الحدوث والخلق والتسخير ظاهر عليهما فلا بد لهما من صانع، وهو الله لا إله إلا هو خالق كل شيء، وإلاهه ومليكه، وقالت لهم رسلهم: { يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } أي في الدار الآخرة، { وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى } أي في الدنيا، فقالت لهم الأمم: { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } أي كيف نتبعكم بمجرد قولكم ولما نر منكم معجزة، { فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي خارق نقترحه عليكم، { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } أي صحيح إنا بشر مثلكم في البشرية، { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } أي بالرسالة والنبوة، { وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ } على وفق ما سألتم { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } ، أي بعد سؤالنا إياه وإذنه لنا في ذلك، { وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } أي في جميع أمورهم. ثم قالت الرسل: { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ } أي وما يمنعنا من التوكل عليه؟ وقد هدانا لأقوم الطرق وأوضحها وأبينها، { وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا } أي من الكلام السيء والأفعال السخيفة، { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ }.