الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ } * { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ }

يقول تعالى: { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } وهم قائمون بمقتضاه { يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } أي من القرآن لما في كتبهم من الشواهد على صدقه والبشارة، كما قال الله تعالى:قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ } [الإسراء: 107] إلى قولهإِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } [الإسراء: 108] أي إن كان ما وعدنا الله به في كتبنا من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم لحقاً وصدقاً مفعولاً لا محالة، وكائناً وقوله: { وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } أي ومن الطوائف من يكذب بعض ما أنزل إليك، وقال مجاهد { وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ }: أي اليهود والنصارى { مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } أي بعض ما جاءك من الحق، وهذا كما قال تعالى:وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } [آل عمران: 199] الآية، { قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ } أي إنما بعثت بعبادة الله وحده لا شريك له، كما أرسل الأنبياء من قبلي، { إِلَيْهِ أَدْعُو } أي إلى سبيله أدعو الناس، { وَإِلَيْهِ مَآبِ } أي مرجعي ومصيري، وقوله: { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً } أي وكما أرسلنا قبلك المرسلين وأنزلنا عليهم الكتب من السماء، كذلك أنزلنا عليك القرآن محكماً معرباً شرفناك به وفضلناك على من سواك بهذا الكتاب المبين الواضح الجلي، الذيلاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت: 42]. وقوله: { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم } أي آراءهم { بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } أي من الله سبحانه، { مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } ، وهذا وعيد لأهل العلم أن يتبعوا سبل أهل الضلالة بعدما صاروا إليه من سلوك السنة النبوية، والمحجة المحمدية على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام.