الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }

يقول تعالى: { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } أي حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة يعلم ما يعمل العاملون من خير وشر ولا يخفى عليه خافيةوَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } [يونس: 61]، وقال تعالى:وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا } [الأنعام: 59]، وقال:سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } [الرعد: 10]، وقال:يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } [طه: 7]، وقال:وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [الحديد: 4]، أفمن هو كذلك كالأصنام التي يعبدونها لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل ولا تكشف ضراً عنها ولا عن عابديها؟ وحذف هذا الجواب اكتفاء بدلالة السياق عليه، وهو قوله: { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ } أي عبدوها معه من أصنام وأنداد وأوثان، { قُلْ سَمُّوهُمْ } أي أعلمونا بهم واكشفوا عنهم حتى يعرفوا فإنهم لا حقيقة لهم، ولهذا قال: { أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ } أي لا وجود له، لأنه لو كان لها وجود في الأرض لعلمها، لأنه لا تخفى عليه خافية { أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ } ، قال مجاهد: بظنٍّ من القول، وقال الضحاك وقتادة: بباطل من القول، أي إنما عبدتم هذه الأصنام بظن منكم أنها تنفع وتضر وسميتموها آلهة،إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } [النجم: 23]، { بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ } قال مجاهد: قولهم أي ما هم عليه من الضلال والدعوة إليه آناء الليل وأطراف النهار، كقوله تعالى:وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم } [فصلت: 25] الآية، { وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } أي بما زين لهم من صحة ما هم عليه صدوا به عن سبيل الله، ولهذا قال: { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } ، كما قال:وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } [المائدة: 41]، وقال:إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [النحل: 37].