الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } * { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ }

يخبر تعالى أنه هو الذي يسخر البرق، وهو ما يرى من النور اللامع ساطعاً من خلل السحاب، { خَوْفاً وَطَمَعاً } ، قال قتادة: خوفاً للمسافر يخالف أذاه ومشقته، وطمعاً للمقيم يرجو بركته ومنفعته ويطمع في رزق الله. { وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } أي ويخلقها منشأة جديدة، وهي لكثرة مائها ثقيلة قريبة إلى الأرض، قال مجاهد: السحاب الثقال: الذي فيه الماء، { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } ، كقوله:وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } [الإسراء: 44]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال: " اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك " وعن أبي هريرة رفعه، أنه كان إذا سمع الرعد قال: " سبحان من يسبح الرعد بحمده " ، وعن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: سبحان الذي يسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ويقول: إن هذا لوعيد شديد لأهل الأرض، وروى الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله، فإنه لا يصيب ذاكراً " ، وقوله تعالى: { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ } أي يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشاء، ولهذا تكثر في آخر الزمان؛ كما قال الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة، حتى يأتي الرجل القوم فيقول: من صعق قبلكم الغداة؟ فيقولون: صعق فلان وفلان وفلان ".

وقد روي في سبب نزولها " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً مرة إلى رجل من فراعنة العرب، فقال: " اذهب فادعه لي " ، قال: فذهب إليه فقال: يدعوك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: من رسول الله؟ وما الله؟ أمن ذهب هو، أم من فضة هو، أم من نحاس هو؟ قال: فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: يا رسول الله قد خبرتك أنه أعتى من ذلك، قال لي: كذا وكذا. فقال لي: " ارجع إليه ثانية " ، فذهب فقال له مثلها، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك؛ فقال: " ارجع إليه فادعه " ، فرجع إليه الثالثة قال: فأعاد عليه ذلك الكلام، فبينما هو يكلمه إذ بعث الله عزّ وجلّ سحابة حيال رأسه فرعدت، فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه، فأنزل الله عزّ وجلّ: { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ } " الآية. وعن مجاهد قال: جاء يهودي فقال: يا محمد أخبرني عن ربك من أي شيء هو؟ من نحاس هو؟ أم من لؤلؤ، أو ياقوت؟ قال: فجاءت صاعقة فأخذته، وأنزل الله.

السابقالتالي
2