يقول تعالى: إن في إهلاكنا الكافرين وإنجائنا المؤمنين { لآيَةً } أي عظة واعتباراً على صدق موعودنا في الآخرة، كما قال تعالى:{ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ } [إبراهيم: 13] الآية. وقوله: { ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ } أي أولهم وآخرهم، كقوله:{ وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } [الكهف: 47]، { وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } أي عظيم تحضره الملائكة، ويجتمع فيه الرسل وتحشر الخلائق بأسرهم، من الإنس والجن والطير والوحوش والدواب، ويحكم فيه العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة، وقوله: { وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ } أي ما نؤخر إقامة القيامة إلا لأنه قد سبقت كلمة الله في وجود أناس معدودين من ذرية آدم، ضرب مدة معينة إذا انقطعت وتكامل وجود أولئك المقدر خروجهم قامت الساعة، ولهذا قال: { وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ } أي لمدة مؤقتة لا يزاد عليها ولا ينتقص منها، { يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } أي يوم يأتي يوم القيامة لا يتكلم أحد إلا بإذن الله، كقوله:{ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } [النبأ: 37]، وفي " الصحيحين " في حديث الشفاعة: " ولا يتكلم يومئذٍ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذٍ اللهم سلّمْ سلّمْ " ، وقوله: { فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ } أي فمن أهل الجمع شقي ومنهم سعيد، كما قال:{ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [الشورى: 7]، ثم بيّن تعالى حال الأشقياء وحال السعداء فقال: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ... }.