الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } * { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } * { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } * { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } * { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } * { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ }

يقول تعالى: أشغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها، وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر، وصرتم من أهلها، عن زيد بن أسلم قال، " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } عن الطاعة، { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } حتى يأتيكم الموت " ، وقال الحسن البصري: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } في الأموال والأولاد، وعن أُبيّ بن كعب قال: " كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } يعني: " لو كان لابن آدم واد من ذهب " " وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن الشخير قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ " وروى مسلم في " صحيحه " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول العبد: مالي مالي، وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدّق فأمضى، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس " ، وروى البخاري عن أنَس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله " وعن أنَس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يهرم ابن آدم ويبقى معه اثنتان: الحرص والأمل " ، وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة الأحنف بن قيس أنه رأى في يد رجل درهماً فقال: لمن هذا الدرهم؟ فقال الرجل: لي، فقال: إنما هو لك إذا أنفقته في أجر، أو ابتغاء شكر، ثم أنشد الأحنف متمثلاً قول الشاعر:
أنت للمال إذا أمسكته   فإذا أنفقته فالمال لك
وقال ابن بريدة: نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار (بني حارثة) و(بني الحارث) تفاخروا وتكاثروا، فقالت إحداهما: فيكم مثل فلان بن فلان وفلان، وقال الآخرون: مثل ذلك تفاخروا بالأحياء، ثم قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين، تقول: فيكم مثل فلان يشيرون إلى القبور، ومثل فلان. وفعل الآخرون مثل ذلك، فأنزل الله: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } لقد كان لكم فيما رأيتم عبرة وشغل، وقال قتادة: كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعد من بني فلان، حتى صاروا من أهل القبور كلهم، والصحيح أن المراد قوله: { زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } أي صرتم إليها ودفنتم فيها، كما جاء في الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأعراب يعوده، فقال: " لا بأس طهور إن شاء الله " ، فقال، قلت: طهور، بل هي حمى تفور، على شيخ كبير، تزيره القبور، قال: " فنعم إذن "

السابقالتالي
2 3