الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

هذا إخبار من الله تعالى عما دعا به موسى عليه السلام على فرعون وملئه، لما أبوا قبول الحق واستمروا على ضلالهم وكفرهم معاندين جاحدين ظلماً وعلواً وتكبراً وعتواً، قال موسى: { رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً } أي من أثاث الدنيا ومتاعها، { وَأَمْوَالاً } أي جزيلة كثيرة { فِي } هذه { ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } أي ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك، وليظن من أغويته أنك إنما أعطيتهم هذا لحبك إياهم واعتنائك بهم { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ } ، قال ابن عباس: أي أهلكها، وقال الضحاك: اجعلها حجارة منقوشة كهيئة ما كانت، وقال قتادة: بلغنا أن زروعهم تحولت حجارة، وقوله: { وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } قال ابن عباس: أي اطبع عليها { فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } وهذه الدعوة كانت من موسى عليه السلام غضباً لله ولدينه على فرعون وملئه الذين تبين له أنهم لا خير فيهم ولا يجيء منهم شيء، كما دعا نوح عليه السلام فقال:رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [نوح: 26]، ولهذا استجاب الله تعالى لموسى عليه السلام فيهم هذه الدعوة التي أمَّن عليها أخوه هارون فقال تعالى: { قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا } ، قال أبو العالية وعكرمة: دعا موسى وأمن هارون، أي قد أجبناكما فيما سألتما من تدمير آل فرعون، { فَٱسْتَقِيمَا } أي كما أجيبت دعوتكما فاستقيما على أمري، قال ابن عباس: فاستقيما: فامضيا لأمري وهي الاستقامة، قال ابن جريج: يقولون إن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة، وقيل: أربعين يوماً.