الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } * { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

يخبر تعالى أن أولياءه { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } كما فسرهم بهم، فكل من كان تقياً، كان الله ولياً فـ { لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } أي فيما يستقبلونه من أهوال الآخرة، { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما وراءهم في الدنيا، وقال عبد الله بن مسعود: أولياء الله الذين إذا رأوا ذكر الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " إن من عباد الله عباداً يغبطهم الأنبياء والشهداء " ، قيل: من هم يا رسول الله لعلنا نحبهم؟ قال: " هم قوم تحابوا في الله في من غير أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس " " ثم قرأ: { أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } ، وقال الإمام أحمد، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } ، قال: " الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له " وقال الإمام أحمد، " عن عبادة بن الصامت، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى: { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } فقال: " لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي - أو قال أحد قبلك - تلك الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له " ؛ وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه قال: " يا رسول الله: الرجل يعمل العمل ويحمده الناس عليه ويثنون عليه به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تلك عاجل بشرى المؤمن " وعن عبد الله بن عمرو " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا } الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة " وقال ابن جرير، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " " لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة " - قال - في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له وهي في الآخرة الجنة " وقال ابن جرير، عن أم كريز الكعبية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ذهبت النبوة وبقيت المبشرات " ؛ وقيل: المراد بذلك بشرى الملائكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة، كقوله تعالى:إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [فصلت: 30]، وفي حديث البراء رضي الله عنه: " أن المؤمن إذا حضره الموت جاءه ملائكة بيض الوجوه بيض الثياب فقالوا: اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان ورب غير غضبان، فتخرج من فمه كما تسيل القطرة من فم السقاء " وأما بشراهم في الآخرة فكما قال تعالى:لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [الأنبياء: 103]، وقال تعالى:يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [الحديد: 12]، وقوله: { لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ } أي هذا الوعد لا يبدل ولا يخلف ولا يغير بل هو مقرر مثبت كائن لا محالة، { ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }.