الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }

قرأ بعض القراء { مَلِكَ } وقرأ آخرون { مالك } وكلاهما صحيح متواتر، و { مالك } مأخوذ من المِلْك كما قال تعالى:إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } [مريم: 40]، و { ملك } مأخوذ من المُلْك كما قال تعالى:لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } [غافر: 16] وقال:ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } [الفرقان: 26]، وتخصيصُ الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة، وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئاً، ولا يتكلم أحد إلا بإذنه كما قال تعالى:لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } [النبأ: 38]، وقال تعالى:يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [هود: 105]، وعن ابن عباس قال: يوم الدين يوم الحساب للخلائق، يدينهم بأعمالهم إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، إلا من عفا عنه.

والمَلِكُ في الحقيقة هو الله عز وجل، فأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون ".

و { ٱلدِّينِ }: الجزاء والحساب كما قال تعالى:أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } [الصافات: 53] أي مجزيون محاسبون، وفي الحديث: " الكَيّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت " أي حاسب نفسه، وعن عمر رضي الله عنه: " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ".