الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَٱلْفَجْرِ } * { وَلَيالٍ عَشْرٍ } * { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } * { وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } * { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } * { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } * { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } * { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } * { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } * { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } * { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } * { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } * { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } * { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } * { وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ } * { كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ } * { وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } * { وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً } * { وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } * { كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } * { وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } * { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } * { يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ } * { وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } * { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } * { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } * { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } * { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي }

اللغَة: { حِجْرٍ } عقل ولب قال الفراء: العرب تقول إِنه لذو حجر إِذا كان قاهراً لنفسه ضابطاً لها، وأصل الحجر المنع، وسمي العقل حجراً لأنه يمنع عن السفه قال الشاعر:
وكيف يُرجَّى أن يتوب وإِنما   يُرجَّى من الفتيان من كان ذا حِجْر
{ جَابُواْ } قطعوا ومنه قولهم: فلان يجوب البلاد أي يقطعها { ٱلتُّرَاثَ } الميراث { لَّمّاً } شديداً وأصله الجمع ومنه قولهم: لمَّ اللهُ شعثه { جَمّاً } كثيراً عظيماً كبيراً قال الشاعر:
إِن تغفر اللَّهمَّ تغفر جماً   وأيُّ عبدٍ لك ما ألمَّا
التفسِير: { وَٱلْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ } هذا قسمٌ أي أُقسم بضوء الصبح عند مطاردته ظلمة الليل، وبالليالي العشر المباركات من أول ذي الحجة، لأنها أيام الاشتغال بأعمال الحج قال المفسرون: أقسم تعالى بالفجر لما فيه من خشوع القلب في حضرة الرب، وبالليالي الفاضلة المباركة وهي عشر ذي الحجة، لأنه أفضل أيام السنة، كما ثبت في صحيح البخاري " ما من أيام العمل الصالح أحبُّ إلى الله فيهن من هذه الأيام - يعني عشر ذي الحجة - قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهادُ في سبيل الله، إِلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء " { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } أي وأُقسم بالزوج والفرد من كل شيء فكأنه تعالى أقسم بكل شيء، لأن الأشياء إِما زوجٌ وإِما فردٌ، أو هو قسمٌ بالخلق والخالق، فإِن الله تعالى واحد " وتر " والمخلوقات ذكرٌ وأنثى " شفع " { وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } أي وأُقسم بالليل إِذا يمضي بحركة الكون العجيبة، والتقييد بسريانه لما فيه من وضوح الدلالة على كمال القدرة، ووفور النعمة { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } أي هل فيما ذكر من الأشياء قسمٌ مقنع لذي لب وعقل؟! والاستفهام تقريريٌ لفخامة شأن الأمور المقسم بها، كأنه يقول: إِن هذا لقسمٌ عظيمٌ عند ذوي العقول والألباب، فمن كان ذا لُب وعقل علم أن ما أقسم الله عز وجل به من هذه الأشياء فيها عجائب، ودلائل تدل على توحيده وربوبيته، فهو حقيق بأن يُقسم به لدلالته على الإِله الخالق العظيم قال القرطبي: قد يُقسم الله بأسمائه وصفاته لعلمه، ويُقسم بأفعاله لقدرته كما قال تعالىوَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } [الليل: 3] ويُقسم بمفعولاته لعجائب صنعه كما قالوَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } [الشمس: 1]وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } [الطارق: 1] { وَٱلْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ } وجواب القسم محذوب تقديره: ورب هذه الأشياء ليعذبنَّ الكفار، ويدل عليه قوله { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ }؟ أي ألم يبلغك يا محمد ويصل إِلى علمك، ماذا فعل الله بعاد قوم هود؟ { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } أي عاداً الأولى أهل أرم ذات البناء الرفيع، الذين كانوا يسكنون بالأحقاف بين عُمان وحضرموت { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } أي تلك القبيلة الي لم يخلق الله مثلهم في قوتهم، وشدتهم، وضخامة أجسامهم! والمقصود من ذلك تخويف أهل مكة بما صنع تعالى بعاد، وكيف أهلكهم وكانوا أطول أعماراً، وأشدَّ قوة من كفار مكة!؟ قال ابن كثير: وهؤلاء " عاد الأولى " وهم الذين بعث الله فيهم رسوله " هوداً " عليه السلام فكذبوه وخالفوه، وكانوا عتاة متمردين جبارين، خارجين عن طاعة الله مكذبين لرسله، فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمَّرهم، وجعلهم أحاديث وعِبراً { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } أي وكذلك ثمود الذين قطعوا صخر الجبال، ونحتوا بيوتاً بوادي القُرى

السابقالتالي
2 3 4