الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } * { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } * { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ } * { ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } * { مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } * { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } * { وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ } * { وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

اللغَة: { ٱنكَدَرَتْ } تناثرت { ٱلْعِشَارُ } جمع عشراء وهي الناقة التي مرَّ على حملها عشرة أشهر { كُشِطَتْ } نُزعت وقلعت يقال: كشطت جلد الشاة أي نزعته وسلخته عنها { ٱلْخُنَّسِ } الكواكب المضيئة التي تخنس نهاراً وتختفي عن البصر جمع خانس { ٱلْكُنَّسِ } النجوم التي تغيب يقال: كنس إِذا دخل الكناس وهو المكان الذي تأوي إِليه الظباء { عَسْعَسَ } أقبل بظلامه قال الخليل: عسعس الليلُ: إِذا أقبل أو أدبر فهو من الأضداد قال الشاعر:
حتَّى إِذا الصُبْحُ لها تنفَّسا   وانجاب عنها ليلها وعسعسا
التفسِير: { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } هذه الآيات بيانٌ لأهوال القيامة وما يكون فيها من الشدائد والكوارث، وما يعتري الكون والوجود من مظاهر التغيير والتخريب والمعنى: إِذا الشمس لُفَّت ومُحي ضوءُها { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } أي وإِذا النجوم تساقطت من مواضعها وتناثرت { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } أي وإِذا الجبال حركت من أماكنها، وسُيّرت في الهواء حتى صارت كالهباء كقوله تعالىوَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً } [الكهف: 47] { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } أي وإِذا النوق الحوامل تركت هملاً بلا راعٍ ولا طالب، وخصَّ النوق بالذكر لأنها كرائم أموال العرب { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } أي وإِذا الوحوش جُمعت من أوكارها وأجحارها ذاهلةً من شدة الفزع { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } أي وإِذا البحار تأججت ناراً، وصارت نيراناً تضطرم وتلتهب { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } أي وإِذا النفوس قُرنت بأشباهها، فقرن الفاجر مع الفاجر، والصالح مع الصالح قال الطبري: يُقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة، وبين الرجل السوء مع الرجل السُّوء في النار { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } أي وإِذا البنت التي دفنت وهي حية سئلت توبيخاً لقاتلها: ما هو ذنبها حتى قتلت؟ قال في التسهيل: الموءودة هي البنت التي كان بعض العرب يدفنها حيَّةً من كراهته لها أو غيرته عليها، فتسأل يوم القيامة { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }؟ على وجه التوبيخ لقاتلها { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } أي وإِذا صحف الأعمال نشرت وبسطت عند الحساب { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } أي وإِذا السماء أزيلت ونزعت من مكانها كما ينزع الجلد عن الشاة { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } أي وإِذا نار جهنم أوقدت وأُضرمت لأعداء الله تعالى { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } أي وإِذا الجنة أدنيت وقربت من المتقين { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } أي علمت كل نفسٍ ما أحضرتْ من خيرٍ أو شر، وهذه الجملة { عَلِمَتْ نَفْسٌ } هي جواب ما تقدم من أول السورة { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } إِلى هنا، والمعنى إِذا حدثت تلك الأمور العجيبة الغريبة، علمت حينئذٍ كل نفسٍ ما قدمته من صالح أو طالح.. ثم أقسم تعالى على صدق القرآن، وصحة رسالة محمد عليه السلام فقال { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ } أي فأقسم قسماً مؤكداً بالنجوم المضيئة التي تختفي بالنهار، وتظهر بالليل { ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } أي التي تجري وتسير مع الشمس والقمر ثم تستتر وقت غروبها، كا تستتر الظباء في كناسها - مغاراتها - قال القرطبي: النجوم تخنس بالنهار وتظهر بالليل، وتكنس وقت غروبها أي تستتر، كما تكنس الظباء في المغار وهو الكناس { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } أي وأقسم بالليل إِذا أقبل بظلامه حتى غطَّى الكون { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } أي وبالصبح إِذا أضاء وتبلَّج، واتَّسع ضياؤه حتى صار نهاراً واضحاً { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } هذا هو المقسم عليه أي إِن هذا القرآن الكريم، لكلامُ الله المنزَّل بواسطة ملك عزيز على الله هو جبريل كقوله تعالى

السابقالتالي
2 3