الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } * { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } * { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً } * { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } * { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } * { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } * { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } * { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } * { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } * { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } * { لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً } * { وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً } * { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } * { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } * { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } * { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } * { لِّلطَّاغِينَ مَآباً } * { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } * { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } * { إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } * { جَزَآءً وِفَاقاً } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } * { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } * { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } * { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } * { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } * { حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً } * { وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً } * { وَكَأْساً دِهَاقاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً } * { جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً } * { رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } * { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً } * { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }

اللغَة: { سُبَاتاً } السبتُ في اللغة: القطعُ، سمي الليل سُباتاً لأنه يقطع العمل والحركة { وَهَّاجاً } الوهَّاج: المتوقد المتلألىء من قولهم: وَهجت النار إِذا أضاءت { ثَجَّاجاً } شديد الانصباب يقال: ثجَّ إِذا سال بكثرة وفي الحديث " أفضلُ الحج: العجُّ والثَجُّ " العجُّ: رفع الصوت بالتلبية، والثجُّ: إِراقة الدماء وذبحُ الهدايا { كَوَاعِبَ } جمع كاعب وهي التي برز نهدها واستدار مع ارتفاع يسير { دِهَاقاً } مملوءة يقال: أدهقتُ الكأسَ أي ملأتها قال الشاعر
أتانا عامرٌ يبغي قِرانا   فأتْرعنا له كأساً دِهاقاً
التفسِير: { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ }؟ أي عن أيّ شيءٍ يسأل هؤلاء الجاحدون بعضهم بعضاً؟ وأصل { عَمَّ } عنْ ما، أدغمت الميم في النون وحذفت الف { ما } الاستفهامية، وليس المراد هنا مجرد الاستفهام وإِنما المراد تفخيم الأمر وتعظيمه، وقد كان المشركون يتساءلون عن البعث فيما بينهم، ويخوضون فيه إِنكاراً واستهزاءً فجاء اللفظ بصيغة الاستفهام للتفخيم والتهويل وتعجيب السامعين من أمر المشركين، ثم ذكر تعالى ذلك الأمر الخطير فقال { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } أي يتساءلون عن الخبر العظيم الهام وهو أمر البعث { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } أي الذي اختلفوا فيه ما بين شاكٍّ في وقوعه، ومكذب منكرٍ لحصوله { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } ردعٌ وزجر أي ليرتدعْ أولئك المكذبون عن التساؤل عن البعث، فسيعلمون حقيقة الحال، حين يرون البعث أمراً واقعاً، ويرون عاقبة استهزائهم { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } تأكيد للوعيد مع التهويل أي سيعلمون ما يحل بهم من العذاب والنكال.. ثم أشار تعالى إِلى الأدلة الدالة على قدرته تعالى، ليقيم الحجة على الكفار فيما أنكروه من أمر البعث، وكأنه يقول: إِن الإِله الذي قدر على إِيجاد هذه المخلوقات العظام، قادرٌ على إِحياء الناس بعد موتهم فقال { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَاداً } أي ألم نجعل هذه الأرض التي تسكنونها ممهدة للاستقرار عليها، والتقلب في أنحائها؟ جعلناها لكم كالفراش والبساط لتستقروا على ظهرها، وتستفيدوا من سهولها الواسعة بأنواع المزروعات؟ { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } أي وجعلنا الجبال كالأوتاد للأرض تثبتها لئلا تميد بكم كما يثبت البيت بالأوتاد قال في التسهيل: شبَّهها بالأوتاد لأنها تمسكُ الأرض أن تميد { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } أي وجعلناكم أيها الناس أصنافاً ذكوراً وإِناثاً، لينتظم أمر النكاح والتناسل، ولا تنقطع الحياة عن ظهر هذا الكوكب الأرضي { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } أي وجعلنا النوم راحة لأبدانكم، قاطعاً لأشغالكم، تتخلصون به من مشاق العمل بالنهار { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } أي جعلنا الليل كاللباس يغشاكم ويستركم بظلامه، كما يستركم اللباس، وتغطيكم ظلمته كما يغطي الثوبُ لابَسه قال في التسهيل: شبهه بالثياب التي تُلبس لأنه سترٌ عن العيون { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } أي وجعلنا النهار سبباً لتحصيل المعاش، تتصرفون فيه لقضاء حوائجكم قال ابن كثير: جعلناه مشرقاً مضيئاً ليتمكن الناس من التصرف فيه، بالذهاب والمجيء للمعاش والتكسب والتجارات وغير ذلك { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } أي وبنينا فوقكم أيها الناس سبع سماواتٍ محكمة الخلق بديعة الصنع، متينةً في إِحكامها وإِتقانها، لا تتأثر بمرور العصور والأزمان، خلقناها بقدرتنا لتكون كالسقف للأرض كقوله تعالى

السابقالتالي
2 3 4