الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } * { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } * { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } * { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } * { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } * { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً } * { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } * { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } * { ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } * { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } * { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي ٱلأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَأَقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

اللغَة: { ٱلْمُزَّمِّلُ } المتلفف بثيابه يقال: تزمَّل بثوبه أي التف به وتغطَّى، وزمَّل غيره إِذا غطاه قال امرؤ القيس: كبير أناسٍ في بجادٍ مزمَّل { سَبْحَاً } تصرفاً وتقلباً في مهماتك، وأصل السَّبْح العومُ على وجه الماء، واستعير للتصرف والتقلب في شئون الحياة { أَنكَالاً } جمع نِكْلٍ وهو القيد الثقيل الذي يقيد به المجرم { كَثِيباً } الكثيب: الرمل المجتمع { مَّهِيلاً } سائلاً متناثراً منهاراً قال أهل اللغة: المهيل الذي إذا وطأته بالقدم زلَّ من تحتها، وإذا أخذت أسفله انهال، وأصله مهيول كمكيل أصله مكيول { وَبِيلاً } عظيماً شديداً وخيم العاقبة.

التفسِير: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } أي يا أيها المتلفف بثيابه، وأصله المتزمل وهو الذي تلفف وتغطى، وخطابه صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } فيه تأنيسٌ وملاطفة له عليه السلام قال السهيلي؛ إن العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك معاتبته سموه باسم مشتق من حالته التي هو عليها كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي - حين غاضب فاطمة وقد نام ولصق بجنبه التراب - قم أبا تراب، إشعاراً بأنه ملاطفٌ له، وغير عاتب عليه، والفائدة الثانية، التنبيهُ لكل متزمل راقد ليله، ليتنبه إلى قيام الليل وذكر الله تعالى، لأنه الاسم المشتق من الفعل، يشترك فيه المخاطب، وكل من اتصف بتلك الصفة، وسبب هذا التزمل ما روي في الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه جبريل وهو في غار حراء - في ابتداء الوحي - رجع إلى خديجة يرجف فؤاده فقال: زملوني زملوني، لقد خشيت على نفسي، وأخبرها بما جرى، فنزلت { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } " أي يا أيها الذي تلفف بقطيفته، واضطجع في زاوية بيته، وقد أشبه من يُؤثر الراحة والسكون، ويحاول التخلص مما كُلف به من مهمات الأمور { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } أي دع التزمل والتلفف، وانشط لصلاة الليل، والقيام فيه ساعات في عبادة ربك، لتستعد للأمر الجليل، والمهمة الشاقة، ألا وهي تبليغ دعوة ربك للناس، وتبصيرهم بالدين الجديد.. ثم وضَّح المقدار الذي ينبغي أن يصرفه في عبادة الله فقال { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } أي قم للصلاة والعبادة نصف الليل، أو أقل من النصف قليلاً، أو أكثر من النصف، والمراد أن تكون هذه الساعات طويلة بحيث لا تقل عن ثلث الليل، ولا تزيد على الثلثين قال ابن عباس: إن قيام الليل كان فريضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله { قُمِ ٱلَّيلَ } ثم نسخ بقوله تعالى { فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } وكان بين أول هذا الوجوب ونسخه سنة، وهذه هي السورة التي نسخ آخرها أولها، حيث رحم الله المؤمنين فأنزل التخفيف عليهم بقوله { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلْلَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7