الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } * { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } * { وَنَرَاهُ قَرِيباً } * { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } * { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } * { يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } * { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } * { وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } * { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } * { كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ } * { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } * { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } * { إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } * { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } * { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } * { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } * { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } * { لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } * { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } * { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ } * { أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ } * { كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ } * { فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } * { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ }

اللغَة: { ٱلْمَعَارِجِ } المصاعد والمدارج التي يرتقي بها الإِنسان جمع معرج وهو المصعد، والعروج الارتفاع إِلى السماء ومنه معراج النبي صلى الله عليه وسلم { ٱلْمُهْلِ } النحاس المذاب { ٱلْعِهْنِ } الصوف المنفوش { فَصِيلَتِهِ } الفصيلة: العشيرة الذي فصل عنهم وتولد منهم { لَظَىٰ } اسم لجهنم سميت بذلك لأن نيرانها تتلظى أي تلتهب { الشَّوَىٰ } جمع شواة وهي جلدة الرأس قال الأعشى:
قالت قتيلة ماله   قد جللت شيباً شواته؟
{ هَلُوعاً } كثير الجزع والضجر، قال أبو عبيدة: الهلوع هو الذي اذا مسَّه الخير لم يشكر، وإِذا مسَّه الضر لم يصبر { عِزِينَ } جماعات متفرقين جمع عزة وهي الجماعة المتفرقة قال الشاعر:
فجاءوا يَهْرعون إِليه حتى   يكونوا حول منبره عزينا
{ يُوفِضُونَ } يسرعون يقال: أوفض البعير اذا أسرع السير.

سَبَبُ النّزول: عن ابن عباس أن النضر بن الحارث قال حين خوَّفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من عذاب اللهٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [الأنفال: 32] فأنزل الله { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ }.

التفسِير: { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } أي دعا داعٍ من كفار مكة لنفسه ولقومه بنزول عذاب واقع لا محالة قال المفسرون: السائل هو " النضر بن الحارث " من صناديد قريش وطواغيتها، لمَّا خوفهم رسول الله عذاب الله قال استهزاءٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32] فأهلكه الله يوم بدر، ومات شر ميتة، ونزلت الآية بذمه { لِّلْكَافِرِينَ } أي دعا بهذا العذاب على الكافرين { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } أي لا رادَّ له إِذا أراد الله وقوعه، وهو نازل بهم لا محالة، سواءً طلبوه أو لم يطلبوه، وإِذا نزل العذاب فلن يرفع أو يُدفع { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } أي هو صادر من الله العظيم الجليل، صاحب المصاعد التي تصعد بها الملائكة، وتنزل بأمره ووحيه، ثم فصَّل ذلك بقوله { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ } أي تصعد الملائكة الأبرار وجبريل الأمين الذي خصه الله بالوحي الى الله عز وجل { فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } أي في يومٍ طوله خمسون ألف سنة من سني الدنيا قال ابن عباس: هو يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ثم يدخلون النار للاستقرار قال المفسرون: والجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى في سورة السجدةفِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ } [السجدة: 5] أن القيامة مواقف ومواطن، فيها خمسون موطناً كل موطن ألف سنة، وأن هذه المدة الطويلة تخف على المؤمن حتى تكون أخفَّ عليه من صلاة مكتوبة { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } أي فاصبر يا محمد على استهزاء قومك وأذاهم ولا تضجر، فإِن الله ناصرك عليهم، وهذا تسليةٌ له عليه الصلاة والسلام، لأن استعجال العذاب إِنما كان على وجه الاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره الله بالصبر قال القرطبي: والصبر الجميل هو الذي لا جزع فيه، ولا شكوى لغير الله { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } أي إِن هؤلاء المستهزئين يستبعدون العذاب ويعتقدون أنه غير نازل، لإِنكارهم للبعث والحساب { وَنَرَاهُ قَرِيباً } أي ونحن نراه قريباً لأن كل ما هو آتٍ قريب.

السابقالتالي
2 3 4 5 6