الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْيَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } * { يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } * { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } * { قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } * { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَٰرُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ } * { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } * { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } * { أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } * { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ }

المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى قصة آدم عليه السلام، وذكر ما امتن به على بنيه وما أنعم به عليهم من اللباس الذي يستر العورات، أمر هنا بأخذ الزينة والتجمل في المناسبات وعند إرادة الصلاة، ثم ذكر أحوال الآخرة وانقسام الناس إلى طوائف: " أهل الجنة، وأهل النار، وأهل الأعراف " ومآل كل فريق من سعادة أو شقاء في دار العدل والجزاء.

اللغَة: { زِينَتَكُمْ } الزينة: ما يتزين به المرء ويتجمل من ثياب وغيرها { ٱلْفَوَاحِشَ } جمع فاحشة وهي ما تناهى قبحه من المعاصي { ٱلْبَغْيَ } الظلم والاستطالة على الناس { سُلْطَاناً } حجة وبرهاناً { سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } ثقب الإِبرة { مِهَادٌ } فراش يمتهده الإِنسان { غَوَاشٍ } أغطية جمع غاشية قال ابن عباس: هي اللحف { ٱلأَعْرَافِ } السور المضروب بين الجنة والنار جمع عرف مستعار من عرف الديك { بِسِيمَاهُمْ } بعلامتهم.

سَبَبُ النّزول: عن ابن عباس قال: كانت المرأة تطوف بالبيت عريانة وتقول: من يعيرني تَطْوافاً تجعله على فرجها وتقول:
اليوم يبدو بعضُه أو كلّه   فما بدا منه فلا أُحلّه
فنزلت هذه الآية { يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } وأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألاّ يطوف بالبيت عُريان.

التفسِيْر: { يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } أي البسوا أفخر ثيابكم وأطهرها عند كل صلاة أو طواف { وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ } أي لا تسرفوا في الزينة والأكل والشرب بما يضر بالنفس والمال { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } أي المتعدين حدود الله فيما أحلَّ وحرّم { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ } أي قل يا محمد لهؤلاء الجهلة من العرب الذين يطوفون بالبيت عراةً ويحرمون على أنفسهم ما أحللت لهم من الطيبات، من حرّم عليكم التجمل بالثياب التي خلقها الله لنفعكم من النبات، والمستلذات من المآكل والمشارب! والاستفهام للإِنكار والتوبيخ { قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي هذه الزينة والطيبات في الدنيا مخلوقة للمؤمنين وإن شاركهم فيها الكفار، وستكون خالصة لهم يوم القيامة لا يشركهم فيها أحد لأن الله حرم الجنة على الكافرين { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي نبيّن ونوضح الآيات التشريعية لقوم يتدبرون حكمة الله ويفقهون تشريعه { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } أي قل لهم يا محمد ما حرّم الله إلا القبائح من الأشياء التي تفاحش قبحها وتناهى ضررها، سواء ما كان منها في السر أو في العلن { وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْيَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } أي وحرّم المعاصي كلها والعدوان على الناس { وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } أي تجعلوا له شركاء في عبادته بدون حجة أو برهان { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي تفتروا على الله الكذب في التحليل والتحريم { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ } أي لكل أمة كذبت رسلها مدة مضروبة لهلاكها قال في البحر: هذا وعيد للمشركين بالعذاب إذا خالفوا أمر ربهم { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } أي فإِذا جاء وقت هلاكهم المقدر لهم لا يتأخر عنهم برهة من الزمن ولا يتقدم كقوله

السابقالتالي
2 3 4 5