الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } * { وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوۤاْ أَحْصَاهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

اللغَة: { تَحَاوُرَكُمآ } المحاورة: المراجعة في الكلام من حار الشيء يحور إِذا رجع يرجع ومنه الدعاء المأثور " نعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر " قال عنترة في فرسه:
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى   ولكان لو علم الكلام مكلمي
{ يُظَاهِرُونَ } الظهار مشتق من الظهر يقال: ظاهر من امرأته إِذا حرمها على نفسه بقوله: أنتِ عليَّ كظهر أُمي { مُنكَراً } المنكر: كل ما قبَّحه الشرع وحرَّمه ونفَّر منه، وهو خلاف المعروف { يُحَآدُّونَ } المحادَّة: المعاداة والمخالفة في الحدود والأحكام وهي مثل المشاقة قال الزجاج: المحادَّة أن تكون في حدٍّ يخالف حد صاحبك، وأصلها الممانعة { كُبِتُواْ } الكبتُ: القهر والإِذلال والخزي يقال: كبته أي قهره وأخزاه { نَّجْوَىٰ } النجوى: الكلام بين اثنين فأكثر سراً، تناجى القوم تحدثوا فيما بينهم سراً { حَسْبُهُمْ } كافيهم.

سَبَبُ النّزول: أ- روي " أن " خولة بنت ثعلبة " امرأة " أوس بن الصامت " أراد زوجها مواقعتها يوماً فأبت، فغضب وظاهر منها، فأتت رسول اله صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله: إن أوساً ظاهر مني بعد أن كبرت سني، ورقَّ عظمي، وإِنَّ لي منه صبيةً صغاراً، إِن ضممتُهم إِليه ضاعوا، وإِن ضممتهم إِليَّ جاعوا فما ترى!! فقال لها: ما أراك إِلا قد حرمت عليه، فقالتْ يا رسول الله: واللهِ ما ذكر طلاقاً وهو أبو ولدي وأحبُّ الناس إِليَّ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد قوله: ما أراك إِلا قد حرمتِ عليه، وهي تكرر قولها، فما زالت تراجعه ويراجعها حتى نزل قول الله تعالى { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ.. } " الآيات.

ب - وروى البخاري " عن عائشة أنها قالت: تبارك الذي وسع سمعُه الأصواتَ، لقد جاءت المجادلة - خولة بنت ثعلبة - فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في جانب البيت أسمع كلامها ويخفى عليَّ بعضه، وهي تشتكي زوجها وتقول يا رسول الله: أبلى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إِذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إِني أشكو إِليك، فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآيات ".

التفسِير: { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا } " قد " لا تدخل إِلا على الأفعال، وإِذا دخلت على الماضي أفادت التحقيق، وإِذا دخلت على المضارع أفادت التقليل كقولك: قد يجودُ البخيلُ، وقد ينزل المطر والمعنى: حقاً لقد سمع الله قول المرأة التي تراجعك وتحاورك في شأن زوجها قال الزمخشري: ومعنى سماعه تعالى لقولها إِجابة دعائها، لا مجرد علمه تعالى بذلك، وهو كقول المصلي: سمع اللهُ لمن حمده { وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي وتتضرع إِلى الله في تفريج كربتها { وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ } أي واللهُ جلَّ وعلا يسمع حديثكما ومراجعتكما الكلام، ماذا قالت لك، وماذا رددت عليها { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } أي سميع بمن يناجيه ويتضرع إِليه، بصير بأعمال العباد، وهو كالتعليل لما قبله، وكلاهما من صيغ المبالغة أي مبالغ في العلم بالمسموعات والمبصرات.

السابقالتالي
2 3 4 5