اللغَة: { تَحَاوُرَكُمآ } المحاورة: المراجعة في الكلام من حار الشيء يحور إِذا رجع يرجع ومنه الدعاء المأثور " نعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر " قال عنترة في فرسه:
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولكان لو علم الكلام مكلمي
{ يُظَاهِرُونَ } الظهار مشتق من الظهر يقال: ظاهر من امرأته إِذا حرمها على نفسه بقوله: أنتِ عليَّ كظهر أُمي { مُنكَراً } المنكر: كل ما قبَّحه الشرع وحرَّمه ونفَّر منه، وهو خلاف المعروف { يُحَآدُّونَ } المحادَّة: المعاداة والمخالفة في الحدود والأحكام وهي مثل المشاقة قال الزجاج: المحادَّة أن تكون في حدٍّ يخالف حد صاحبك، وأصلها الممانعة { كُبِتُواْ } الكبتُ: القهر والإِذلال والخزي يقال: كبته أي قهره وأخزاه { نَّجْوَىٰ } النجوى: الكلام بين اثنين فأكثر سراً، تناجى القوم تحدثوا فيما بينهم سراً { حَسْبُهُمْ } كافيهم. سَبَبُ النّزول: أ- روي " أن " خولة بنت ثعلبة " امرأة " أوس بن الصامت " أراد زوجها مواقعتها يوماً فأبت، فغضب وظاهر منها، فأتت رسول اله صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله: إن أوساً ظاهر مني بعد أن كبرت سني، ورقَّ عظمي، وإِنَّ لي منه صبيةً صغاراً، إِن ضممتُهم إِليه ضاعوا، وإِن ضممتهم إِليَّ جاعوا فما ترى!! فقال لها: ما أراك إِلا قد حرمت عليه، فقالتْ يا رسول الله: واللهِ ما ذكر طلاقاً وهو أبو ولدي وأحبُّ الناس إِليَّ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد قوله: ما أراك إِلا قد حرمتِ عليه، وهي تكرر قولها، فما زالت تراجعه ويراجعها حتى نزل قول الله تعالى { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ.. } " الآيات. ب - وروى البخاري " عن عائشة أنها قالت: تبارك الذي وسع سمعُه الأصواتَ، لقد جاءت المجادلة - خولة بنت ثعلبة - فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في جانب البيت أسمع كلامها ويخفى عليَّ بعضه، وهي تشتكي زوجها وتقول يا رسول الله: أبلى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إِذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إِني أشكو إِليك، فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآيات ". التفسِير: { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا } " قد " لا تدخل إِلا على الأفعال، وإِذا دخلت على الماضي أفادت التحقيق، وإِذا دخلت على المضارع أفادت التقليل كقولك: قد يجودُ البخيلُ، وقد ينزل المطر والمعنى: حقاً لقد سمع الله قول المرأة التي تراجعك وتحاورك في شأن زوجها قال الزمخشري: ومعنى سماعه تعالى لقولها إِجابة دعائها، لا مجرد علمه تعالى بذلك، وهو كقول المصلي: سمع اللهُ لمن حمده { وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي وتتضرع إِلى الله في تفريج كربتها { وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ } أي واللهُ جلَّ وعلا يسمع حديثكما ومراجعتكما الكلام، ماذا قالت لك، وماذا رددت عليها { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } أي سميع بمن يناجيه ويتضرع إِليه، بصير بأعمال العباد، وهو كالتعليل لما قبله، وكلاهما من صيغ المبالغة أي مبالغ في العلم بالمسموعات والمبصرات.