الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } * { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } * { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } * { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَٰهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } * { وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ } * { وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } * { وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } * { مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } * { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ } * { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ }

المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى قصة ضيف إِبراهيم الذين أُرسلوا لهلاك قوم لوط أتبعه بذكر قصص الأمم الطاغية، فذكر منهم فرعون وجنوده، وعاداً، وثمود، وقوم نوح، تسلية للنبي عليه السلام، وتذكيراً للأنام بانتقام الله من أعدائه وأعداء رسله، ثم ذكر دلائل القدرة والوحدانية، وختم السورة الكريمة بإِنذار المكذبين الضالين.

اللغَة: { نَبَذْنَاهُمْ } طرحناهم { ٱلْيَمِّ } البحر { مُلِيمٌ } آتٍ بما يلام عليه { ٱلرَّمِيمِ } الشيء الهالك البالي قال الزجاج: الرميمُ: الورق الجاف المتحطم مثل الهشيم، ورمَّ العظم إِذا بلي فهو رِمَّة ورميم قال جرير يرثي ابنه:
تركْتني حين كفَّ الدهر من بصري   وإِذْ بقيتُ كعظم الرمَّة البالي
{ ٱلْمَاهِدُونَ } مهدتُ الفراش مهداً بسطته ووطأته، والتمهيد تسوية الشيء وإِصلاحه { ذَنُوباً } الذَّنوب: بفتح الذال النصيب من العذاب.

التفِسير: { وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } أي وجعلنا في قصة موسى أيضاً آيةً وعبرة وقت إِرسالنا له إِلى فرعون { بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي بحجة واضحة ودليلٍ باهر { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } أي فأعرض عن الإِيمان بموسى بجموعه وأجناده، وقوته وسلطانه قال مجاهد: تعزَّز عدوُّ الله بأصحابه والغرض أن فرعون أعرض عن الإِيمان بسبب ما كان يتقوى به من جنوده لأنهم كانوا له كالركن الذي يعتمد عليه البنيان { وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } أي وقال اللعين في شأن موسى إِنه ساحرٌ ولذلك أتى بهذه الخوارق، أو مجنون ولذلك ادَّعى الرسالة، وإِنما قال ذلك تمويهاً على قومه لا شكاً منه في صدق موسى { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ } أي فأخذنا فرعون مع أصحابه وجنوده { فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } أي فطرحناهم في البحر لما أغضبونا وكذبوا رسولنا { وَهُوَ مُلِيمٌ } أي وهو آتٍ بما يلام عليه من الكفر والطغيان.. ثم لما انتهى من قصة فرعون أعقبها بذكر قصة عاد فقال { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } أي وجعلنا في قصة عاد كذلك آية لمن تأمل حين أرسلنا عليهم الريح المدمرة، التي لا خير فيها ولا بركة، لأنها لا تحمل المطر ولا تلقّح الشجر، وإِنما هي للإِهلاك، وهي الريح التي تسمَّى الدبور وفي الصحيح " نُصرت بالصبا وأُهلكت عادٌ بالدَّبور " قال المفسرون: سميت { ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } تشبيهاً لها بعقم المرأة الي لا تحمل ولا تلد، ولما كانت هذه الريح لا تلقح سحاباً ولا شجراً، ولا خير فيها ولا بركة لأنها لا تحمل المطر شبهت بالمرأة العقيم { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ } أي ما تترك شيئاً مرَّت عليه في طريقها مما أراد الله تدميره وإِهلاكه { إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } أي إِلا جعلته كالهشيم المتفتت البالي قال ابن عباس: { كَٱلرَّمِيمِ } الشيء الهالك البالي وقال السدي: هو التراب والرماد المدقوق كقوله تعالى:تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا } [الأحقاف: 25] قال المفسرون: كانت الريح التي أرسلها الله عليهم ريحاً صرصراً عاتية، استمرت عليهم ثمانية أيام متتابعة، فكانت تهدم البنيان وتنتزع الرجال فترفعهم إِلى السماء حتى يرى الواحد منهم كالطير ثم ترمي به إلى الأرض جثة هامدة

السابقالتالي
2 3 4