الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَٰلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ } * { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }

المنَاسَبَة: لما أوصى تعالى في الآيات السابقة بالأيتام وذكر ضمنها حق الأقارب بالإِجمال، أعقبه بذكر أحكام المواريث بالتفصيل ليكون ذلك توضيحاً لما سبق من الإِجمال فذكر نصيب الأولاد بنين وبنات، ثم ذكر نصيب الآباء والأمهات، ثم نصيب الأزواج والزوجات، ثم نصيب الإِخوة والأخوات.

اللغَة: { يُوصِيكُمُ } الوصية: العهد بالشيء والأمر به ولفظ الإِيصاء أبلغ وأدل على الاهتمام من لفظ الأمر لأنه طلب الحرص على الشيء والتمسك به { فَرِيضَةً } أي حقاً فرضه الله وأوجبه { كَلاَلَةً } أن يموت الرجل ولا ولد له ولا والد أي لا أصل له ولا فرع لأنها مشتقة من الكلّ بمعنى الضعف يقال: كلَّ الرجل إِذا ضعف وذهبت قوته { حُدُودُ ٱللَّهِ } أحكامه وفرائضه المحدودة التي لا تجوز مجاوزتها.

سَبَبُ النّزول: روي " أن امرأة " سعد بن الربيع " جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبنتيها فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قُتل أبوهما سعد معك بأُحد شهيداً، وإِن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالاً، ولا تُنكحان إِلا بمال فقال صلى الله عليه وسلم: يقضي الله في ذلك فنزلت آية المواريث { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلاَدِكُمْ } الآية فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى عمهما أن أعط إِبنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك ".

التفسِير: { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلاَدِكُمْ } أي يأمركم الله ويعهد إِليكم بالعدل في شأن ميراث أولادكم { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ } أي للإِبن من الميراث مثل نصيب البنتين { فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ } أي إِن كان الوارث إِناثاً فقط اثنتين فأكثر { فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } أي فللبنتين فأكثر ثلثا التركة { وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ } أي وإِن كانت الوارثة بنتاً واحدة فلها نصف التركة.. بدأَ تعالى بذكر ميراث الأولاد ثم ذكر ميراث الأبوين لأن الفرع مقدم في الإِرث على الأصل فقال تعالى { وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ } أي للأب السدس وللأم السدس { مِمَّا تَرَكَ } أي من تركة الميت { إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ } أي إِن وجد للميت ابن أو بنت لأن الولد يطلق على الذكر والأنثى { فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ } أي فإِن لم يوجد للميت أولاد وكان الوارث أبواه فقط أو معهما أحد الزوجين { فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ } أي فللأم ثلث المال أو ثلث الباقي بعد فرض أحد الزوجين والباقي للأب { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ } أي فإِن وجد مع الأبوين إِخوة للميت " اثنان فأكثر " فالأم ترث حينئذٍ السدس فقط والباقي للأب، والحكمة أن الأب مكلف بالنفقة عليهم دون أمهم فكانت حاجته إِلى المال أكثر { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ } أي إِن حق الورثة يكون بعد تنفيذ وصية الميت وقضاء ديونه فلا تقسم التركة إِلا بعد ذلك { آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ } أي إِنه تعالى تولّى قسمة المواريث بنفسه وفرض الفرائض على ما علمه من الحكمة، فقسم حيث توجد المصلحة وتتوفر المنفعة ولو ترك الأمر إِلى البشر لم يعلموا أيهم أنفع لهم فيضعون الأموال على غير حكمة ولهذا أتبعه بقوله { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } أي إِنه تعالى عليم بما يصلح لخلقه حكيم فيما شرع وفرض.

السابقالتالي
2 3