الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } * { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } * { وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } * { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } * { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } * { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } * { أَءُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } * { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ } * { أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } * { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ } * { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ } * { وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ لْئَيْكَةِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلأَحْزَابُ } * { إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } * { وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } * { وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } * { ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } * { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } * { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } * { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } * { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَٱحْكُمْ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَاطِ } * { إِنَّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } * { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } * { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ } * { يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ }

اللغَة: { عِزَّةٍ } تكبر وامتناع عن قبول الحق، وأصلها الغلبة والقهرُ ومنه قولهم " من عَزَّ بزَّ " يعني من غلب سلب { شِقَاقٍ } مخالفة ومباينة { مَنَاصٍ } المناص: الملجأ والغوث والخلاص { عُجَابٌ } بالغ الغاية في العجب قال الخليل: العجيب: العجب، والعُجَاب الذي قد تجاوز حدَّ العجب { ٱخْتِلاَقٌ } كذب وافتراء { فَوَاقٍ } الفَوَاق: الاستراحة، والإِفاقة قال الجوهري: الفواق والفواق: ما بين الحلبتين من الوقت، لأنها تحلب ثم تترك ساعة يرضعها الفصيل لتدرَّ ثم تُحلب وقوله تعالى { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } أي ما لها من نظرة وراحة وإفاقة { قِطَّنَا } القِطُّ: الحظُّ والنصيب { ٱلأَيْدِ } القوة في العبادة والطاعة { تَسَوَّرُواْ } تسور الحائط علا أعلاه وتسلقه، والسور: الحائط { تُشْطِطْ } قال علماء اللغة: الشَّطط: مجاوزة الحد وتخطي الحق، يقال: شطَّ في الحكم أي جار فيه ولم يعدل، والأصل فيه: البعدُ من شطَّت الدار بمعنى بعدت.

التفسِير: { صۤ } تقدم الكلام على الحروف الهجائية، وبينا أن فيها الإِشارة إلى إعجاز القرآن { وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } قسمٌ أقسم به الباري جل وعلا أي والقرآن ذي الشرف الرفيع، وذي الشأن والمكانة، وجواب القسم محذوف تقديره إن هذا القرآن لمعجز وإن محمداً لصادق قال ابن عباس: { ذِي ٱلذِّكْرِ } أي ذي الشرف { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } أي بل الكافرون في حميةٍ وتكبرٍ عن الإِيمان، وفي خلافٍ وعداوة للرسول عليه السلام قال البيضاوي: أي ما كفر من كفر بالقرآن لخلَلٍ وجده فيه بل الذين كفروا به { فِي عِزَّةٍ } أي استكبار عن الحق { وَشِقَاقٍ } أي خلاف للهِ ولرسوله ولذلك كفروا به { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ } أي كم أهلكنا قبل أهل مكة من أمم كثيرة من القرون الخالية، لكبرهم عن الحق ومعاداتهم لرسلهم، قال أبو السعود: والآية وعيد لأهل مكة على كفرهم واستكبارهم ببيان ما أصاب من قبلهم من المستكبرين { فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } أي فاستغاثوا واستجاروا عند نزول العذاب طلباً للنجاة، وليس الحينُ حينَ فرارٍ ومهرب ونجاة قال ابن جزي: المعنى أن القرون الذين هلكوا دعوا واستغاثوا حين لم ينفعهم ذلك، إذ ليس الحين الذي دعوا فيه حين مناص أي مفر ونجاة من ناص ينوص إذا فرَّ، ولات بمعنى ليس وأصلها لا النافية زيدت عليها علامة التأنيث { وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ } أي وعجب المشركون من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم واستبعدوا أن يبعث الله رسولاً من البشر { وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } أي وقال كفار مكة: إن محمداً ساحرٌ فيما يأتي به من المعجزات { كَذَّابٌ } أي مبالغ في الكذب في دعوى أنه رسول الله، وإنما وضع الاسم الظاهر { ٱلْكَافِرُونَ } مكان الضمير " وقالوا " غضباً عليهم، وذماً لهم وتسجيلاً لجريمة الكفر عليهم، فإن هذا الاتهام لا يقوله إلا المتوغلون في الكفر والفسوق { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً }؟ أي أزعم أن الربَّ المعبود واحد لا إله إلا هو؟ { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } أي إنَّ هذا الذي يقوله محمد - ان الإِله واحد - شيء بليغٌ في العجب قال ابن كثير: أنكر المشركون ذلك ـ قبَّحهم الله - وتعجبوا من ترك الشرك بالله، فإنهم كانوا قد تلقَّوا عن آبائهم عبادة الأوثان وأُشربته قلوبهم، فلما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خلع الأوثان وإفراد الإِله بالوحدانية، أعظموا ذلك وتعجبوا وقالوا: { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } قال المفسرون:

السابقالتالي
2 3 4 5