الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } * { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } * { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } * { فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَهِيَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى بعض قبائح اليهود وجرائمهم، من نقض المواثيق، واعتدائهم في السبت، وتمردهم على الله عز وجل في تطبيق شريعته المنزلة، أعقبه بذكر نوعٍ آخر من مساوئهم ألا وهو مخالفتهم للأنبياء وتكذيبهم لهم، وعدم مسارعتهم لامتثال الأوامر التي يوحيها الله إِليهم، ثم كثرة اللجاج والعناد للرسل صلوات الله عليهم، وجفاؤهم في مخاطبة نبيّهم الكريم موسى عليه السلام، إلى آخر ما هنالك من قبائح ومساوئ.

اللغَة: { هُزُواً } الهزؤ: السخرية بضم الزاي وقلب الهمزة واواً { هُزُواً } مثلكُفُواً أَحَدٌ } [الإخلاص: 4] والمعنى على حذف مضاف أي أأتخذنا موضع هزؤٍ، أو يحمل المصدر على معنى اسم المفعول أي أتجعلنا مهزوءاً بنا { فَارِضٌ } الفارض: الهرمة المسنة التى كبرت وطعنت فى السن كذا فى لسان العرب قال الشاعر:
لعمري لقد أعطيتَ ضيفكَ فارضاً   تُساق إِليه ما تقوم على رجل
ولم تعطه بكراً فيرضى سمينةً   فكيف تُجازى بالمودة والفضل؟
{ عَوَانٌ } وسط ليست بمسنَّة ولا صغيرة، وقيل هي التي ولدت بطناً أو بطنيْنِ، { فَاقِـعٌ } الفقوع: شدة الصفرة يقال: أصفر فاقع أي شديد الصفرة كما يقال: أحمر قانٍ أي شديد الحمرة قال الطبري: وهو نظير النصوع في البياض { ذَلُولٌ } أي مذلّلة للعمل يقال: دابة ذلول أي ريّضة زالت صعوبتها فقوله { لاَّ ذَلُولٌ } أي لم تذلّل لإِثارة الأرض أي لحرثها { مُسَلَّمَةٌ } من السلامة أي خالصة ومبرأة من العيوب { شِيَةَ } الشِّية: اللمعة المخالفة لبقية اللون الأصلي قال الطبري: { لاَّ شِيَةَ فِيهَا } أي لا بياض ولا سواد يخالف لونها { فَٱدَّارَأْتُمْ } أي تدافعتم واختلفتم وتنازعتم وأصلها تدارأتم أدغمت التاء في الدال، وأُتي بهمزة الوصل ليتوصل بها إِلى النطق بالساكن فصار ادّارأتم، ومعنى الدرء: الدفع لأن كلاً من الفريقين كان يدرأ على الآخر أي يدفع وفي الحديث " ادرءوا الحدود بالشبهات " { قَسَتْ } القسوة: الصلابة ونقيضها الرقة { يَشَّقَّقُ } التشقق: التصدع بطولٍ أو عرض { يَهْبِطُ } الهبوط: النزول من أعلى إِلى أسفل.

" معجزة إحياء الميت وقصة البقرة "

ذكر القصة: روى ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني قال: " كان رجل من بني إِسرائيل عقيماً لا يولد له وكان له مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه فقتله ثم احتمله ليلاً فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض، فقال ذوو الرأي منهم والنُّهى: علام يقتل بعضنا بعضاً وهذا رسول الله فيكم؟ فأتوا موسى عليه السلام فذكروا ذلك له فقال: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } قال: ولو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة، ولكنهم شدّدوا فشدَّد الله عليهم حتى انتهوا إِلى البقرة التي أمروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها، فقال: والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهباً، فاشتروها بملء جلدها ذهباً فذبحوها فضربوه ببعضها فقام، فقالوا: من قتلك؟ قال: هذا وأشار على ابن أخيه ثم مال ميتاً، فلم يعط من ماله شيئاً فلم يورث قاتل بعد " وفي رواية " فأخذوا الغلام فقتلوه ".

السابقالتالي
2 3 4