الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } * { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ } * { ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

المنَاسَبَة: لما قدّم تعالى ذكر نعمه على بني إِسرائيل إِجمالاً، بيَّن بعد ذلك أقسام تلك النعم على سبيل التفصيل، ليكون أبلغ في التذكير وأدعى إِلى الشكر، فكأنه قال: اذكروا نعمتي، واذكروا إِذ نجيناكم من آل فرعون، واذكروا إِذ فرقنا بكم البحر.. إِلى آخره وكل هذه النعم تستدعي شكر المنعم جل وعلا لا كفرانه وعصيانه.

اللغَة: { آلِ فِرْعَوْنَ } أصل " آل " أهل ولذلك يصغّر بأهيل فأبدلت هاؤه ألفاً، وخُصَّ استعماله بأولي الخطر والشأن كالملوك وأشباههم، فلا يقال آل الإِسكاف والحجام، و { فِرْعَوْنَ } علمٌ لمن ملك العمالقة كقيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس، ولعتو الفراعنة اشتقوا تفرعن إِذا عتا وتجبر { يَسُومُونَكُمْ } يذيقونكم من سامه إِذا أذاقه وأولاه قال الطبري: يوردونكم ويذيقونكم. { يَسْتَحْيُونَ } يستبقون الإِناث على قيد الحياة { بَلاۤءٌ } اختبار ومحنة، ويستعمل في الخير والشر كما قال تعالىوَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً } [الأنبياء: 35] { فَرَقْنَا } الفرق: الفصل والتمييز ومنهوَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ } [الإسراء: 106] أي فصلناه وميزناه بالبيان { بَارِئِكُمْ } الباري هو الخالق للشيء على غير مثال سابق، والبرية: الخلق.

التفسِير: { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم } أي اذكروا يا بني اسرائيل نعمتي عليكم حين نجيت آباءكم { مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } أي من بطش فرعون وأشياعه العتاة، والخطاب للأبناء المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم إِلا أن النعمة على الآباء نعمة على الأبناء { يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } أي يولونكم ويذيقونكم أشد العذاب وأفظعه { يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ } أي يذبحون الذكور من الأولاد { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } أي يستبقون الإِناث على قيد الحياة للخدمة { وَفِي ذَلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } أي فيما ذكر من العذاب المهين من الذبح والاستحياء، محنة واختبارٌ عظيم لكم من جهته تعالى بتسليطهم عليكم ليتميز البرُّ من الفاجر { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ } أي اذكروا أيضاً إِذ فلقنا لكم البحر حتى ظهرت لكم الأرض اليابسة فمشيتم عليها { فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ } أي نجيناكم من الغرق وأغرقنا فرعون وقومه { وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } أي وأنتم تشاهدون ذلك فقد كان آية باهرة من آيات الله في إِنجاء أوليائه وإِهلاك أعدائه { وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } أي وعدنا موسى أن نعطيه التوراة بعد أربعين ليلة وكان ذلك بعد نجاتكم وإِهلاك فرعون { ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ } أي عبدتم العجل { مِن بَعْدِهِ } أي بعد غيبته عنكم حين ذهب لميقات ربه { وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ } أي معتدون في تلك العبادة ظالمون لأنفسكم { ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم } أي تجاوزنا عن تلك الجريمة الشنيعة { مِّن بَعْدِ ذَلِكَ } أي من بعد ذلك الاتخاذ المتناهي في القبح { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي لكي تشكروا نعمة الله عليكم وتستمروا بعد ذلك على الطاعة { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ } أي واذكروا نعمتي أيضاً حين أعطيت موسى التوراة الفارقة بين الحق والباطل وأيدته بالمعجزات { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي لكي تهتدوا بالتدبر فيها والعمل بما فيها من أحكام.

السابقالتالي
2