الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ } * { وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ } * { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ }

المنَاسَبَة: من بداية هذه الآية إِلى آية /142/ ورد الكلام عن بني إِسرائيل، وقد تحدث القرآن الكريم بالإِسهاب عنهم فيما يقرب من جزءٍ كامل، وذلك يدل على عناية القرآن بكشف حقائق اليهود، وإِظهار ما انطوت عليه نفوسهم الشريرة من خبثٍ وكيد وتدمير حتى يحذرهم المسلمون، أما وجه المناسبة فإِن الله تعالى لمّا دعا البشر إِلى عبادته وتوحيده، وأقام للناس الحجج الواضحة على وحدانيته ووجوده، ثم ذكّرهم بما أنعم به على أبيهم آدم عليه السلام، دعا بني إِسرائيل خصوصاً - وهم اليهود - إِلى الإِيمان بخاتم الرسل وتصديقه فيما جاء به عن الله، لأنهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة، وقد تفنّن في مخاطبتهم، فتارة دعاهم بالملاطفة، وتارة بالتخويف، وتارة بالتذكير بالنعم عليهم وعلى آبائهم، وأخرى بإِقامة الحجة والتوبيخ على سوء أعمالهم وهكذا انتقل من التذكير بالنعم العامة على البشرية في تكريم أبي الإِنسانية، إلى التذكير بالنعم الخاصة على بني إسرائيل.

اللغَة: { إِسْرَائِيلَ } اسم أعجمي ومعناه: عبد الله وهو اسم { يعقوب } عليه السلام، وقد صرَّح به في آل عمرانإِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } [الآية: 93] { أَوْفُواْ } الوفاء: الإِتيان بالشيء على التمام والكمال، يقال أوفى ووفّى أي أداه وافياً تاماً. { تَلْبِسُواْ } اللَّبْس: الخلط تقول العرب: لبَسْتُ الشيء بالشيء خلطته، والتبس به اختلطَ، قال تعالىوَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } [الأنعام: 9] وفي المصباح: لَبِسَ الثوب من باب تعب لُبْساً بضم اللام، ولَبَسْتُ عليه الأمر لَبْساً من باب ضرب خلطته، والتبس الأمر: أشكل. { ٱلزَّكَاةَ } مشتقة من زكا الزرع يزكو أي نما لأن إِخراجها يجلب البركة، أو هي من الزكاة أي الطهارة لأنها تطهر المال قال تعالىخُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة: 106].

التفسِير: { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ } أي يا أولاد النبي الصالح يعقوب { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } اذكروا ما أنعمت به عليكم وعلى آبائكم من نعم لا تعد ولا تحصى { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ } أي أدّوا ما عاهدتموني عليه من الإِيمان والطاعة { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } بما عاهدتكم عليه من حسن الثواب { وَإِيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } أي اخشوني دون غيري { وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ } من القرآن العظيم { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } أي من التوراة في أمور التوحيد والنبوة { وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي أول من كفر من أهل الكتاب فحقكم أن تكونوا أول من آمن { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } أي لا تستبدلوا بآياتي البينات التي أنزلتها عليكم حطام الدنيا الفانية { وَإِيَّايَ فَٱتَّقُونِ } أي خافون دون غيري { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَاطِلِ } أي لا تخلطوا الحق المنزل من الله بالباطل الذي تخترعونه، ولا تحرفوا ما في التوراة بالبهتان الذي تفترونه { وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ } أي ولا تخفوا ما في كتابكم من أوصاف محمد عليه السلام { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أنه حق أو حال كونكم عالمين بضرر الكتمان { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ } أي أدوا ما وجب عليكم من الصلاة والزكاة، وصلوا مع المصلين بالجماعة، أو مع أصحاب محمد عليه السلام.

السابقالتالي
2