الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجِّ وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰ وَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } * { وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } * { فَإِنِ ٱنتَهَوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ للَّهِ فَإِنِ ٱنْتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }

المنَاسَبَة: لما بيّن تعالى في الآيات السابقة أحكام الصيام وأباح للمؤمنين الاستمتاع بالطعام والشراب والنكاح في ليالي رمضان عقّبه بالنهي عن أكل الأموال بغير حق لأن المسلم لا يصح له أن يستمتع بالمال الحرام لا في ليالي رمضان ولا غيره، ولما كان حديث الصيام يتصل برؤية الهلال وهذا ما يحرك في النفوس خاطر السؤال عن الأهلة جاءت الآيات الكريمة تبيّن أن الأهلة مواقيت لعبادات الناس في الصيام وسائر أنواع القربات.

اللغَة: { ٱلْبَاطِلِ } في اللغة: الزائل الذاهب يقال: بطل الشيء بطولاً فهو باطل وفي الشرع هو المال الحرام كالغصب والسرقة والقمار والربا { وَتُدْلُواْ } الإِدلاء في الأصل: إِرسال الدلو في البئر ثم جعل كل إِلقاء أو دفع لقول أو فعل إِدلاءً يقال: أدلى بحجته أي أرسلها والمراد بالإِدلاء هنا الدفع إِلى الحاكم بطريق الرشوة { ٱلأَهِلَّةِ } جمع هلال وهو أول حال القمر حين يراه الناس ثم يصبح قمراً ثم بدراً حين يتكامل نوره { مَوَاقِيتُ } جمع ميقات وهو الوقت كالميعاد بمعنى الوعد وقيل: الميقات منتهى الوقت { ثَقِفْتُمُوهُم } ثقِفَ الشيءَ إذا ظفر به ووجده على جهة الأخذ والغلبة، ورجل ثَقِفٌ سريع الأخذ لأقرانه قال الشاعر:
فإِمّا تثقفوني فاقتلوني   فمنْ أَثْقفْ فليس إِلى خلود
{ ٱلتَّهْلُكَةِ } الهلاكُ يقال هَلَك يهلِكُ هَلاكاً وتَهْلُكةً.

سَبَبُ النّزول: روي أن بعض الصحابة قالوا يا رسول الله: ما بال الهلال يبدو دقيقاً مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلئ ويستوي ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا لا يكون على حالة واحدة كالشمس فنزلت { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ... } الآية.

ثانياً: روي أن الأنصار كانوا إذا أحرم الرجل منهم في الجاهلية لم يدخل بيتاً من بابه بل كان يدخل من نقبٍ في ظهره، أو يتخذ سُلّماً يصعد فيه فنزل قوله تعالى { وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا }.

التفسِير: { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ } أي لا يأكل بعضكم أموال بعض بالوجه الذي لم يبحه الله { وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ } أي تدفعوها إِلى الحكام رشوة { لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ } أي ليعينوكم على أخذ طائفة من أموال الناس بالباطل { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أنكم مبطلون تأكلون الحرام { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ } أي يسألونك يا محمد عن الهلال لم يبدو دقيقاً مثل الخيط ثم يعظم ويستدير ثم ينقص ويدق حتى يعود كما كان؟ { قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجِّ } أي فقل لهم إِنها أوقات لعباداتكم ومعالم تعرفون بها مواعيد الصوم والحج والزكاة { وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا } أي ليس البر بدخولكم المنازل من ظهورها كما كنتم تفعلون في الجاهلية { وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰ } أي ولكنَّ العمل الصالح الذي يقرّبكم من الله في اجتناب محارم الله { وَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } ادخلوها كعادة الناس من الأبواب { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي اتقوا الله لتسعدوا وتظفروا برضاه { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } أي قاتلوا لإِعلاء دين الله من قاتلكم من الكفار { وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } أي لا تبدءوا بقتالهم فإِنه تعالى لا يحب من ظلم أو اعتدى، وكان هذا في بدء أمر الدعوة ثم نسخ بآية براءة

السابقالتالي
2 3