الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير/ د. أسعد حومد (ت 2011م) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

{ لَكَاذِبُونَ }

(107) - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ هَؤُلاَءِ هُمْ أُنَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ بَنُوا مَسْجِداً، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَامِرِ الرَّاهِبُ (وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَأَبَى الإِسْلاَمَ، وَأَخَذَ يَكِيدُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَتَآمَرُ عَلَيْهِمْ مَعَ قُرَيشٍ، وَمَعَ أَعْدَائِهِمْ، وَأَلَّبَ المُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ، وَحَاوَلَ اسْتِمَالَةَ الأَنْصَارِ فِي المَعْرَكَةِ فَسَبُّوهُ): ابْنُوا مَسْجِداً يَكُونُ مَرْصَداً لَهُ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَسْتَعِدُّوا، وَأَنْ يَجْمَعُوا مَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قُوَّةٍ وَسِلاحٍ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ ذَاهِبٌ إِلى قَيْصَرِ الرُّومِ فَآتٍ بِجُنُودٍ مِنَ الرُّومِ لإِخْرَاجِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَخَذُوا فِي بِنَاءِ المَسْجِدِ قُرْبَ مَسْجِدِ قَباءٍ، وَلَمَّا انْتَهَوْا مِنْ بِنَائِهِ أَتَوْا إِلى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا لَهُ: لَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ بِنَاءِ مَسْجِدِنَا فَنُحِبُّ أَنْ تَصَلِّيَ فِيهِ، وَتَدْعُو لَنَا بِالبَرَكَةِ. وَكَانَ الرَّسُولُ خَارِجاً إِلى غَزْوَةِ تَبُوك، فَأَرْجََأَ ذَلِكَ إِلى حينِ عَوْدَتِهِ. وَحِينَ عَادَ نَزَل عَلَيهِ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ، يُخْبِرُهُ بِغَايَةِ بُنَاةِ المَسْجِدِ وَقَصَدِهِمْ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ لاَ يُصَلِّيَ فِيهِ أَبَداً. وَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ الذِينَ بَنُوا هَذا المَسْجِدِ سَيَحْلِفُونَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا أَرَادُوا بِبِنَائِهِ الخَيْرَ وَالإِحْسَانَ إِلَى النَّاسِ، وَاللهُ يَشْهَدُ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِيمَا قَالُوهُ، وَفِيمَا قَصَدُوهُ، وَفِيمَا نَوَوْهُ؛ فَهُمْ إِنَّمَا بَنَوْهُ ضِرَاراً لِمَسْجِدِ قِبَاءٍ، وَكُفْراً بِاللهِ، وَتَفْرِيقاً لِلْمُؤْمِنِينَ (الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ جَمِيعاً فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ هُوَ مَسْجِدُ قبَاءٍ، وَفِي ذَلِكَ يَحْصُلُ التَّعَارُفُ وَالتَّآلُفُ، وَتُجْمَعُ الكَلِمَةُ)، وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلِ بِنَاءِ هَذا المَسْجِدِ.

الضِّرارُ وَالمُضَارَّةُ - مُحَاوَلَةُ إِيقَاعِ الضَّرَرِ.

الإِرْصَادُ - الانْتِظَارُ وَالتَّرَقُّبُ مَعَ العَدَاوَةِ.