الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير/ د. أسعد حومد (ت 2011م) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ }

{ ٱلطَّائِفَتِيْنِ } { بِكَلِمَاتِهِ } { ٱلْكَافِرِينَ }

(7) - خَرَجَتْ قُرَيْشٌ إلَى بَدْرٍ وَهُمْ فِي حَوَالَي ألَفِ رَجُلٍ، وَانْحَرَفَ أبُو سُفْيَانَ بِالقَافِلَةِ إلى طَرِيقِ البَحْرِ، وَخَرَجَ المُسْلِمُونَ حَتَّى وَصَلُوا بَدْراً، وَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ بِوُجُودِ قُرْيَشٍ بِالقُرْبِ مِنْهُمْ. وَلَمَّا عَلِمَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِوُجُودِ قُرَيشٍ قَريباً مِنْهُمْ اسْتَشَارَ أصْحَابَهُ، وَكَانُوا حَوَاليِ 317 رَجُلاً، فِيمَا يَفْعَلُ. وَكَانَ يُرِيدُ مَعْرفَةَ رَأي الأَنْصَارِ، لأنَّهُمْ كَانُوا الكَثْرَةَ مِنْ أصْحَابِهِ، فَتَكَلَّمَ المُهَاجِرُونَ يُفَوِّضُونَ الأمْرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَالأنْصَارُ سَاكِتُونَ، فَكَانَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يُكَرِّرُ طَلَبَ المَشُورَةِ، يَقُولُ: أشيرُوا عَلَيَّ أيُّها النَّاسُ. وَفَطِنَ الصَّحَابِيُّ الجَلِيلُ سَعْدُ بْنُ معَاذٍ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيهِ - وَهُوَ سَيِّدُ الأوْسِ -، إلَى أنَّ الرَّسُولَ إنَّما يُرِيدُ مَعْرِفَةَ رَأي الأنْصَارِ وَمَوْقِفَهُمْ، فَقَالَ قَوْلاً كَرِيماً، وَفَوَّضَ الأمْرَ إلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَكَّدَ لَهُ أنَّهُمْ لَنْ يَتَخَلَّفُوا بِنُفُوسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ.

وَوَعَدَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ الكَرِيمَ بِأنَّهُ سَيُظْفِرُهُ بِإحْدَى الطَّائِفَتَينِ، فَإمَّا أنْ يَنْصُرَهُ عَلَى قُرَيشٍ فِي سَاحَةِ الحَرْبِ، وَإمَّا أنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ الاسْتِيلاَءِ عَلَى القَافِلَةِ وَكَانَ كَثيرٌ مِنَ المُسْلِمِينَ - وَأَكْثَرُهُمْ فُقَرَاءُ - يُرِيدُونَ العِيرَ، لأَنَّها تُصْلِحُ حَالَهُمْ مِنْ دُونِ تَعَرُّضٍ إِلَى مَخَاطِرِ الحَرْبِ.

وَبَيْنَمَا كَانَ المُسْلِمُونَ يَتَشَاوَرُونَ اقْتَرَبَتْ قُرَيْشٌ كَثِيراً مِنْ مَوَاقِعِ المُسْلِمِينَ عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ، وَدُونَ أنْ يَعْلَمَ أحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِمَكَانِ الآخَرِ، فَلَمْ يَتْرُكِ اللهُ خِيَاراً لأحَدٍ مِنَ الجَانِبَيْنِ، فَكَانَتِ الحَرْبُ. وَكَانَ النَّصْرُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَبِذَلِكَ ثَبَّتَ اللهُ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ المُنَزَّلَةِ عَلَى رَسُولِهِ، وَسَحَقَ قُوَّةَ المُشْرِكِينَ، وَقَضَى عَلَى رُؤُوسِ الكُفْرِ فِي مَعْرَكَةِ بَدْرٍ، وَأَذَلَّ الشِّرْكَ وَأهْلَهُ، وَأَعَزَّ الإِسْلاَمَ وَأهْلَهُ.

الطَّائِفَتَينِ - العِيرِ وَالقَافِلَةِ أوِ النَّفِيرِ.

ذَاتِ الشَّوْكَةِ - ذَاتِ السِّلاحِ وَالقُوَّةِ وَهِيَ النَّفِيرُ.

دَابِرَ الكَافِرِينَ - آخِرَهُمْ، وَمَتى قُطِعَ الدَّابِرُ قُطِعَ الأوَّلُ وَهَلَكَ.