الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير/ د. أسعد حومد (ت 2011م) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَٰلِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }

{ خَالِداً }

(93) - وَإذا عَرَفَ الرَّجُلُ الإِسْلاَمَ وَشَرَائِعَهُ، ثُمَّ قَتَلَ رَجُلاً مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً قَتْلَهُ، مُسْتَحِلاًّ ذَلِكَ القَتْلَ، فَجَزَاؤُهُ عِنْدَ اللهِ جَهَنَّمُ يَبْقى مُخَلَّداً فِيهَا، وَيَلْعَنُهُ اللهُ، وَيُبْعِدُهُ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَيَجْعَلُهُ فِي النَّارِ فِي عَذابٍ أليمٍ.

وَلِلْفُقَهَاءِ ثَلاَثَةُ آراءَ فِي تَوْبَةِ قَاتِلِ المُؤْمِنِ عَمْداً:

1- ابْنُ عَبَّاسٍ وَفَرِيقٌ مِنَ السَّلَفِ - يَرَوْنَ أنَّ قَاتِلَ المُؤْمِنِ لاَ تَوْبَةَ لَهُ إِطْلاقاً، وَيَبْقَى فِي النَّارِ خَالِداً. وَيَسْتَنِدُونَ فِي ذَلِكَ إلى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إلاّ الرَّجُلَ يَمُوتُ كَافِراً، أوِ الرَّجُلَ يَقْتُلُ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً " وَإلى قَوْلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم:

" مَنْ أعَانَ عَلَى قَتْلِ امرىءٍ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ كُتِبَ بَيْنَ عَيْنَيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ: آيس مِنْ رَحْمَةِ اللهِ "

وَإلى قَوْلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم:

" لَوْ أنَّ الثَقَلَيْنِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ لأكَبَّهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ، وَإنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ الجَنَّةَ عَلَى القَاتِلِ وَالآمِرِ بِهِ "

2- وَيَرَى فَرِيقٌ آخَرُ أنَّ الخُلُودَ يَعْنِي المُكْثَ الطَّوِيلَ لاَ الدَّوَامَ، لِظَاهِرِ النُّصُوصِ القَاطِعَةِ عَلَى أنَّ عُصَاةَ المُؤْمِنينَ لاَ يَدُومُ عَذَابُهُمْ. وَمَا فِي الآيَةِ إخْبَارٌ مِنَ اللهِ أنَّ جَزَاءَهُ ذَلِكَ، لاَ أنَّهُ يَجْزِيهِ بِذَلِكَ حَتْماً، كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } فَلَوْ كَانَ المُرَادُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَجْزِي كُلَّ سَيِّئَةٍ بِمْثِلِهَا لَعَارَضَهُ قَوْلُهُ جَلَّ شَأنُهُ:وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } فَالمُرَادُ بِذَلِكَ أنَّ هَذا هُوَ جَزَاؤُهُ إنْ أرَادَ اللهُ مُجَازَاتَهُ.

3- وَيَرى فَرِيقٌ ثَالِثٌ أنَّ حُكْمَ الآيَةِ يَتَعَلَّقُ بِالقَاتِلِ المُسْتَحِلِّ لِلْقَتْلِ، وَحُكْمُهُ مِمَّا لاَ شَكَّ فِيهِ.

وَقَدْ فَسَّرَ عكْرَمَةُ وَابْنُ جُرَيجٍ (مُتَعَمِّداً) بـ (مُسْتَحِلاًّ) فِي الآيَةِ.