الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير/ د. أسعد حومد (ت 2011م) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }

{ يَا أَيُّهَا } { آمَنُواْ } { قَوَّامِينَ } { ٱلْوَالِدَيْنِ } { تَلْوُواْ }

(135) - العَدْلُ هُوَ نِظَامُ الوُجُودِ، لِذَلِكَ أمَرَ اللهُ المُؤْمِنينَ بِأنْ يَجْعَلُوا العِنَايَةَ بِإقَامَةِ العَدْلِ، عَلَى وَجْهِهِ الصَّحِيحِ، صِفَةً ثَابِتَةً لَهُمْ، رَاسِخَةً فِي نُفُوسِهِمْ (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ).

وَالعَدْلُ كَمَا يَكُونُ فِي الحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ، يَكُونُ أيْضاً فِي العَمَلِ: كَالقِيَامِ بِمَا يَجِبُ مِنَ العَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَالأوْلاَدِ، فِي النَّفَقَةِ، وَالمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمْ. وَيَأمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ بِأنْ يَكُونُوا شُهَدَاءَ للهِ، بِأنْ يَتَحَرَّوْا الحَقَّ الذِي يَرْضَاهُ اللهُ، وَيَأْمُرُ بِهِ، مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لأحَدٍ، وَلاَ مُحَابَاةٍ لَهُ، وَلَوْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى نَفْسِ الإِنْسَانِ، بِأَنْ يُثْبتَ بِهَا الحَقَّ عَلَيهِ (وَمَنْ أقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِحَقٍّ فَقَدْ شَهِدَ عَلَيْهَا), أوْ عَلَى وَالِدَي الإِنْسَانِ، أوْ عَلَى أقْربِ النَّاسِ إلَيهِ، إذْ لَيْسَ مِنْ بِرِّ الوَالِدَينِ، وَلاَ مِنْ صِلَةِ الرَّحْمِ، أنْ يُعَانُوا عَلَى أكْلِ مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ حَقٌّ، بَلِ البِرُّ وَالصِّلَةُ فِي الحَقِّ وَالمَعْرُوفِ.

وَيُوصِي اللهُ تَعَالَى المُؤْمنينَ بِالتِزَامِ العَدْلِ فِي الشَّهَادَةِ، وَإنْ كَانَ المَشْهُودُ عَلَيهِ مِنَ الأَقَارِبِ، سَواءٌ أكَانَ فَقِيراً أوْ غَنِياً، فَإنَّ اللهَ تَعَالَى أوْلَى بِهِ، وَشَرْعُهُ أحَقُّ بِأنْ يُتَّبَعَ فِيهِ، فَحَذَارِ أنْ تُحَابُوا غَنِيّاً طَمَعاً فِي بِرِّهِ، أوْ خَوْفاً مِنْ سَطْوَتِهِ، وَحَذَارِ أنْ تُحَابُوا فَقَيراً عَطْفاً عَلَيهِ، أوْ شَفَقَةً بِهِ فَمَرْضَاةُ المَشْهُودِ عَلَيهِ لَيْسَتْ خَيراً لَكُمْ وَلاَ لَهُ مِنْ مَرْضَاةِ اللهِ، فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى لِئَلاَّ تَعْدِلُوا عَنِ الحَقِّ إلى البَاطِلِ.

وَيَأمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ أنْ لاَ يُحَرِّفُوا الشَّهَادَةَ وَلاَ يَتَعَمَّدُوا الكَذِبَ فِيهَا، وَأنْ لاَ يُعْرِضُوا عَنْ أدَائِهَا إذَا مَا دُعُوا إلى الشَّهَادَةِ، وَيُخْبِرُهُمُ اللهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ لا تَخْفَى عَلَيهِ خَافِيَةٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِ العِبَادِ، فَلاَ يَخْفَى عَليهِ قَصْدُهُمْ، وَأَنَّهُ مُجَازِيهِمْ بِمَا يَعْمَلُونَ.

أنْ تَعْدِلُوا - كَرَاهَةَ العُدُولِ عَنِ الحَقِّ.

تَلْوُوا - تُحَرِّفُوا فِي الشَّهَادَةِ.

تُعْرِضُوا - تَتْرُكُوا إقَامَتَهَا رَأْساً.