الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير/ د. أسعد حومد (ت 2011م) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }

{ ٱلْكِتَابِ }

(123) - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَخَاصَمَ أهْلُ الأدْيَانِ فَقَالَ أهْلُ التَّورَاةِ: كِتَابُنَا خَيْرُ الكُتُبِ، وَنَبِيُّنَا خَيْرُ الأنْبِيَاءِ.

وَقَالَ أهْلُ الإِنْجِيلِ مِثْلَ ذَلِكَ.

وَقَالَ أهْلُ الإِسْلاَمِ: لاَ دِينَ إلاَّ الإِسْلاَمُ، وَكِتَابُنا نَسَخَ كُلَّ الكُتُبِ، وَنَبِيُّنَا خَاتَمُ الأنْبِيَاءِ، وَأُمِرْتُمْ وَأمِرْنَا أنْ نُؤْمِنَ بِكِتَابِكُمْ وَنَعْمَلَ بِكِتَابِنَا. فَقَضَى اللهُ تَعَالَى بَيْنَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ. وَقَالَ لَهُمْ لَيْسَ فَضْلُ الدِّينِ وَشَرَفُهُ، وَلاَ نَجَاةُ أهْلِهِ تَكُونُ بِأنْ يَقُولَ القَائِلُ مِنْهُمْ إنَّ دِينِي أفْضَلُ وَأكْمَلُ، بَلْ عَليهِ أنْ يَعْمَل بِمَا يَهْدِيهِ إليهِ دِينُهُ، فَإنَّ الجَزَاءَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى العَمَلَ، لاَ عَلَى التَّمَنِّي وَالغُرُورِ، فَلَيْسَ أمْرُ نَجَاتِكُمْ، وَلاَ نَجَاةُ أهْلِ الكِتَابِ، مَنُوطاً بِالأمَانِي فِي الدِّينِ، فَالأدْيَانُ لَمْ تُشَرَّعْ لِلتَّفَاخُرِ وَالتَّبَاهِي، وَلاَ تَحْصَلُ فَائِدَتُهَا بِالانْتِسَابِ إليها، دُونَ العَمَل بِها. فَالعِبْرَةُ بِطَاعَةِ اللهِ، وَاتِّبَاعِ شَرْعِهِ الذِي جَاءَ عَلَى ألْسِنَةِ الرُّسُلِ الكِرَامِ، فَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً، مِنْ أيِّ دِينٍ كَانَ يَجِدْ جَزَاءَهُ، وَلَنْ يَنْصرَهُ أحَدٌ مِنُ بَأسِ اللهِ، وَلَنْ يُجِيرَهُ أحَدٌ مِنْ سُوءِ العَذَابِ، فَعَلَى الصَّادِقِ فِي دِينِهِ أنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ عَلَى العَمَلِ بِمَا هَدَاهُ إليهِ كِتَابُه وَرُسُلُهُ.