الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير/ د. أسعد حومد (ت 2011م) مصنف و مدقق


{ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ ٱلآخِرَةِ } { وَيَسْأَلُونَكَ } { ٱلْيَتَامَىٰ } { فَإِخْوَانُكُمْ }

(220) - وَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى قَوْلَهُ: { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وقوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَامَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } ، انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ فَجَعَلَ يَفضُلُ لَهُ الشَّيءُ مِنْ طَعَامِهِ فَيَحْبِسُهُ لَهُ حَتَّى يَأكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ. فَاْشتَدَّ ذلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ، فَذَكَرُوهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللهُ هذِهِ الآيَةَ. وَمَعْنَاهَا: إِنَّ عَزْلَ مَالِهِمْ خَيْرٌ، وَمُخَالَطَتَهُمْ خَيْرٌ، لأَنَّهُمْ إِخْوَانٌ فِي الدِّينِ، وَاللهُ يَعْلَمُ نَوَايَا النَّاسِ، مِنْ يَقْصُدُ الإِفْسَادَ مِنْهُمْ، وَمَنْ يَقْصُدُ الإِصْلاَحَ. وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ، وَلأَحْرَجَهُمْ، وَلَكِنَّهُ وَاسِعٌ فَوسَّعَ عَلَيهِمْ، وَخَفَّفَ عَنْهُمْ، وَأَبَاحَ لَهُمْ مُخَالَطَةَ اليَتَامَى بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَمُعَامَلَتَهُمْ مُعَامَلَةَ الإِخْوَةِ، وَعَفَا عَمَّا جَرَى العُرْفُ بِهِ مِنَ المُسَامَحَةِ فِيهِ، إِذْ أنَّ ذلِكَ لا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الخُلَطَاءُ، وَوَكَّلَ ذلِكَ إلى ضَمَائِرِهِمْ. وَاللهُ مُرَاقِبٌ لأِعْمَالِ النَّاسِ لاَ يَخْفَى عَليهِ مِنْهُمْ خَافِيةٌ، فَالمُهِمُّ فِي الأمرِ أنْ تَكُونَ نِيَّةُ الإِنْسَانِ مُنْصَرِفَةً إِلَى الخَيْرِ، وَإِلَى الحِفَاظِ عَلَى مَصْلَحَةِ اليَتِيمِ، وَمُرَاقَبةِ اللهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ.