الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ } * { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

المعذرون: المعتِذرون سواء كان العذر صحيحا ام غير صحيح. الاعراب: سكان البادية. نصحوا: اخلصوا.

{ وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ }.

كما تخلّف بعض المنافقين في المدينة عن الخروج للجهاد، جاء فريق من أهل البادية، ينتحلون الأعذارَ ليُؤذن لهم في التخلف، وقال بعضهم: يا نبي الله، إنّا إن غَزَوْنا معك أغارت طّيء على نسائنا وأولادنا وأنعامنا، فقال لهم رسول الله: قد أنبأَني اللهُ من أخباركم وسيُغني الله عنكم.

{ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ }.

وهؤلاء هم المنافقون. قعدوا عن كل من القتال والمجيء للاعتذار وتخلّفوا بلا عذرٍ كاذبين على الله ورسوله.

{ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.

سيكون جزاء الذين كفروا بك‍ِذْبهم على اللهِ ورسولِه من المنافقين والكاذبين من المتعذرين، عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة.

قراءات:

قرأ يعقوب: " المعذرون " بسكون العين والذال المسكورة بدون تشديد.

وبعد ان بيّن الله تعالى أحوالَ المنافقين والكاذبين، وما ينتظرهم من عذاب، ذكر هنا ثلاثة أصناف أعذارُهم مقبولة، فالإسلام دين يُسْرٍ، ولا يكلّف الله نفساً الا وُسْعَها.

{ لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ للَّهِ وَرَسُولِهِ }.

ان التكليف بالغزو ساقِط عن أصناف ثلاثة:

1- الضعفاء: وهم من لا قوّة لهم تمكّنهم من الجهاد كالشيوخ المتقدمين في السنّ، والعجَزة، والصبيان وذوي العاهات التي لاتزول.

2- المرضى: وهم من أُصيبوا بأمراض أقعدتهم فلا يتمكّنون معها من الجهاد، ونتهي عذرهم اذا شفاهم الله.

3- الفقراء الذين لا يجِدون ما ينفقون منه على أنفسهم إذا خرجوا للجهاد ولا ما يكفي عيالهم.

ليس على الضعفاء العاجزين عن القتال لعلّةٍ في تكوينهم، أو شيخوخة تقعهدهم، ولا المرضى الذين لا يستطيعون الحركةَ والجُهد، ولا المعدمين الذين لا يجدون ما يتزودون منه - أيُّ حَرجٍ اذا تخلفوا عن المعركة، وقلوبهم مخلصة لله ورسوله.

{ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

ليس على المحسن في عمله وإيمانه أية مؤاخَذة ولا مسئولية، فالله كثيرُ المغفرة، واسع الرحمة يستر على المقصر في أداء واجبه ما دام مخلصا لله والرسول.

نزلت هذه الآية في ابن أُم مَكتوم، واختُلف في اسمه أهو: عبد الله أم عمرو بن قيس بن زائدة وكان هذا ضريراً جاء الى الى رسول الله فقال: يا نبيّ الله، إني شيخ ضرير ضعيف الحال وليس لي قائد، فهل لي رُخصة في التخلّف عن الجهاد؟ فسكت النبي الكريم فأنزل الله " ليس على الضعفاء ولا على المرضى... " الآية.

{ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ }.

السابقالتالي
2