الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

جنات عدن: جنات الخلود. رضوان من الله: رضى من الله.

بعد ان ذكرا لله تعالى افعال المنافقين وصفاتِهم المنكرة، وذكر ما أعدَّه لهم من العذاب في الدنيا والآخرة - بيّنَ لنا صفة المؤمنين والمؤمنات، الصادقين في ايمانهم، الذين هُدُوا الى الطّيب من القول، وساروا على الصراط المستقيم.

{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ }.

إنهم نصراء بعضٍ يتّجهون بهذه الوَلاية الى الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكر، لتحقيق الخير ودفع الشر، مع التضامن والتعاون لإعلاء كملة الله. وهم " يقيمون الصلاة " في اوقاتها، وهي الصلة التي تربطهم بالله، " ويؤتون الزكاة " تلك الفريضة العظيمة التي تربط بين جماعة المسلمين، وتحقّقِ الصورة الماديّةَ والروحية للولاية والتضامن، " ويطيعون اللهَ ورسولَه " بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي.

ماذا اعد الله لِلذين يتّصفون بهذه الصفات السامية؟

{ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ }.

ان الله يتعهدهم برحمته في الدنيا والآخرة.

فهذه الصفات الأربع في المؤمنين: الأمر بالمعروف. والنهي عن المنكر، واقامة الصلاة، وايتاء الزكاة - تقابلُ من صفاتِ المنافقين: الأمرَ بالمنكر، والنهيَ عن المعروف، ونسيانَ الله، وقبضَ الأيدي، وصفاتُ المؤمنين هي التي وعدهم اللهُ عليها بالنصر والتمكين في الأرض، { ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.

وبعد ان بيّن رحمتَه للمؤمنين ونصره لهم إجمالاً بيّن ثانيةً ما وعدَهم به من الجزاء المفسِّر لرحمته تفصيلاً فقال:

{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ }.

لقد وعدهم اللهُ الجنةَ خالدين في نعيمها، وأعدَّ لهم مساكنَ تَطيبُ بها نفوسُهم في دار الاقامة والخلود. ولهم فوقها ما هو اكبر واعظم.

{ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ }.

وإن الجنةَ بكل ما فيها من نعيمٍ لَتتضاءل أمام ذلك الرضوان الكريم.

{ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }.

وذلك الوعدُ بالنعيم الجسمانّي والروحاني هو الفوزُ العظيم الذي يُجزى به المؤمنون المخلصون.