الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } * { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } * { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } * { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } * { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } * { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } * { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } * { فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } * { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } * { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } * { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } * { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً } * { وَأَكِيدُ كَيْداً } * { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً }

طَرَق طَرْقا وطروقا: أتاهم ليلا، وطَرَقَ النجم طروقا: طلع ليلا. النجم الثاقب: النجم المضيء، ثقب الكوكب: أضاءَ فهو ثاقب. حافظ: رقيب. ماء دافق: ماء مندفع بسرعة. الصلب: فقار الظهر، منطقة العمود الفقري، يقال: من صُلب فلان يعني من ذريته. الترائب: عظام الصدر. تُبلى: تختبر وتمتحن. السرائر: الضمائر، وما يُسِره الانسان في نفسه. الرجع: إعادة الشيء الى ما كان عليه، والمراد هنا المطر. الصدع: الشق، الارض التي تنشق عن النبات. فصل: فاصلٌ بين الحق والباطل. يكيدون: يمكرون، ويدبّرون المضرة خفية. وأكيدُ كيدا: الكيد من الله التدبيرُ بالحق لمجازاة اعمالهم. رويدا: قريبا.

لقد أقسَم الله تعالى في مطلع هذه السورة بالسماء ونجومها اللامعة المضيئة، انّ النفوسَ لم تُترك سُدى، ولن تبقى مهمَلة، بل تكفَّل بها مَنْ يحفظها ويحصي أعمالَها، وهو اللهُ تعالى.

وفي هذه تسليةٌ للرسول الكريم وأصحابِه، ووعيدٌ للكافرين الجاحدين.

{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ }

أُقسِم بالسماء وبالنجم الطالع ليلا. ولقد اقسَم الله تعالى بالسماء والشمس وبالقمر والليل، لأن في أحوالِها وأشكالها وسَيْرِها ومطالِعها ومغاربها عجائبَ وأيَّ عجائب.

ثم فسّر الطارقَ بقوله: { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } هذه النجوم المضيئة التي لا تحصى ولا نعلم من أكثرها شيئا، { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } استفهام للتفخيم والتعظيم. ما الذي أعلمكَ يا محمد ما حقيقةُ هذه النجوم.

ثم بين الذي حلف عليه فقال: { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } أي إن كلَّ نفس عليها رقيبٌ يحفظها ويدير شئونها في جميع أطوارها، ويُحصي عليها أعمالها.

لَمَّا، هنا بمعنى إلاّ، يعني أن كل نفس عليها حافظ. وفي قراءة من قرأها بالتخفيف انّ كل نفس لَما عليها حافظ، يعني: ان كل نفس لَعَلَيْها حافظ، وهما قراءتان سَبْعِيَّتان.

وهذا المعنى كما قال تعالى:وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [الإنفطار: 10-12].

ثم امر الله تعالى الانسانَ أن ينظر ويتفكر في بدءِ خَلْقه ومنشئه، وانه خُلق من ماءٍ دافق فيه ملايين الحُوينات التي لا تُرى بالعين المجردة، فالذي خلقه على هذه الأوضاع قادرٌ على أن يُعيدَه إلى الحياة الأخرى.

{ فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ }

فلينظر الانسانُ ويفكّر في مبدأ خلْقه. لقد خلقه الله من ماءٍ متدفق، من مَنِيٍّ فيه ملايينُ المخلوقات التي لا تُرى بالعين المجردة، { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } أيْ من الصُّلب وعظم الصدر من الرجل والمرأة، فاذا دخَل المنيُّ رحِمَ المرأة وكانت مهيَّأةً للحمل التقى بالبيضة التي في الرحم، وكوّنت معه جرثومة الجَنين.

وقد بينت الدراسات الحديثة ان نواةَ الجهاز التناسلي والجهاز البولي في الجَنين تظهر بين الخلايا الغضروفية المكوِّنةِ لعظام العَمودِ الفَقري وبين الخلايا المكونةِ لعظام الصدر.

السابقالتالي
2