الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى ٱلإِسْلاَمِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُوۤاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنَّصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ }

الاسلام: معناه هنا الاستسلام والانقياد لأمر الله. نور الله: دينه الذي يدعو اليه الرسول الكريم. بأفواههم: يعني بأكاذيبهم واباطيلهم. والله متم نوره: والله مظهرٌ دينَه، وقد صدق. بالهدى: بالقرآن. ودين الحق: الدين الصحيح. نصر من الله وفتح قريب: فتح مكة. الحواريون: الأصفياء والخلاّن. انصار الله: الناصرون لدينه. ظاهرين: غالبين.

من أشدُّ ظلماً وعدواناً ممن اختلقَ على الله الكذب، وهو يدعو الى الاسلام! لقد دعاهم الرسولُ الكريم الى نبذ الشِرك، ودعاهم الى الايمان بالله وحده فلم يؤمنوا، وأثاروا حوله الشكوك والافتراءات، { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } الّذين يفترون على الله الكذب.

ثم بين الله تعالى أنهم حاولوا إبطالَ الدِين وردَّ المؤمنين عنه، لكنّهم لم يستطيعوا وخابوا في سعيهم فقال:

{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ }.

ان هؤلاء الجاحدين من قريشٍ، وبني اسرائيل في المدينة، والمنافقين معهم - حاولوا القضاءَ على الإسلام بالدسائس والأكاذيب فخذلَهم الله تعالى، وأظهر دِينه فهو الدينُ القيم الذي انار الكون، وخاب سعيهم.

{ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ }.

ثم بين الله تعالى أنه ارسل رسولَه محمداً صلى الله عليه وسلم بالقرآن الذي هدى الناس وأنار الكون، وبدينِ الاسلام الحق { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }. وقد وردت هاتان الآيتان في سورة التوبة، مع تغيير بسيط في الالفاظ في الآية الأولى.

وبعد ان حث على الجهاد في سبيله، ونهى المسلمين ان يكونوا مثلَ قوم موسى او قوم عيسى - بيّن هنا ان الايمان بالله والجهادَ في سبيله بالمال والنفس تجارةً رابحة، لأن المجاهدين ينالون الفوز بالدنيا، فيظفر واحدهم بالنصر والغنائم وكرائمِ الاموال، والثوابَ العظيم في الآخرة اذ يحظى بالغفران، ورضوان الله، والخلود في جنات عدن.

فهذه هي التجارة الرابحة، الثبات على الايمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيل الله بأموالكم وانفسكم، وذلك هو الخير العظيم، ثم يتبعه الغفران، والخلود في { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } وأيّ فوز اعظم من هذا!!

ثم أتبع ذلك كله ببشرى عظيمة يحبها المؤمنون وينتظرونها وهي:

{ وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ }

نعمة كبرى تحبونها: النصر من الله، وفتح مكة. وهو آت قريب. وقد أنجز الله وعده.

{ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يا محمد بهذه النعم، وان الله تعالى نصَرَهم لأنهم آمنوا حقيقة، وجاهدوا جهاداً كبيرا ولم ينتظروا من أحدٍ ان يساعدَهم وهم قاعدون.. كما يفعل العرب والمسلمون اليوم.

ثم امر الله تعالى المؤمنين ان يعملوا ويجدّوا ويكونوا انصار الله في كل حين، فلا يتخاذلوا ولا يتناحروا ويتحاربوا، وان لا يتوكلوا فيقعدوا ويطلبوا النصر، بل عليهم ان يعملوا ويجاهدوا حتى يكتب الله لهم النصر.

السابقالتالي
2