الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَٱجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ }

وهب: اعطى بغير عوض. هدينا. أرشدنا. احسن: فعَلَ ما هو حسن. اجتبينا: اصطفينا حبط علمه: بطل.

بعد ان حكى الله تعالى أنَّ ابراهيم اظهر حجة الله في التوحيد، وعدد وجوه نعمه واحسانه اليه، ذكر هنا انه جعله عزيزاً في الدنيا، وابقى له هذه الكرامة الى يوم القيامة.

{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا }.

ووهبنا لإِبراهيم إسحاق نبيّاً، ثم جعلنا من ذريته يعقوب وغيره من الأنبياء والمرسلين.

وانما ذكر إسحاق هنا دون اسماعيل لأنه هو الذي وهبه الله تعالى لأبراهيم بعد كبر سنه وعقم امرأته سارة، جزاءَ ام ظهر من إيمانه في قصة ذبح ولده إسماعيل، ولم يكن له ولد سواه.

{ وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ }.

ووفقنا من قبلهم نوحاً الى مثل ما هدينا ابراهيم وذريته. وقد ذُكر نوح هنا إيماءً الى شرف نسب ابراهيم.

{ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ }.

ومن ذريّة إبراهيم تناسل هؤلاء الأنبياء المرسلون. فقد ذكر في هذه الآيات سبعة عشر نبيّاً. وستأتي الاشارة إلى آخرين من ذرياتهم وآبائهم واخوانهم.. كل هذا ليدل على فضل إبراهيم ونوح عليهما السلام، حيث جعل الله الكتاب والنبوة في نسلهما.

وقد جاء في سورة الحديد، { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ } وهدينا من ذريته (إبراهيم) كلاً من داود وسليمان وغيرهما. فداود وسليمان وأيّوب وموسى وهارون، آتاهم الله الإمارة والملك مع النبوة والرسالة. وأيّوب كان أميراً غنياً محسنا ويوسف كان وزيراً عظيما وحاكماً متصرفا وموسى وهارون كانا حاكمَين ولم يكونا ملكين.

وزكريا ويحيى وعيسى والياس، كانت لهم ميزة الزهد والاعراض عن لذات الدينا ومن ثم خصّهم بوصف الصالحين.

واسماعيل وإليسع ويونس ولوط، وهؤلاء لم يكن لهم من ملك الدنيا ما كان للقسم الأول، ولا من المبالغة في الزهد ما كان للقسم الثاني.

{ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ... }.

وهدينا بعض آبائهم وذرياتهم واخوانهم واصطفيناهم، فسلكوا طريق الخير والصراط الذي لا اعوجاج فيه.

{ ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ }.

إن ذلك التوفيق العظيم الذي نالته هذه النخبة الكرام لهو توفيق من عند الله يُكرم به من يشاء من عباده.

{ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.

ولو أشرك هؤلاء النخبة المختارة، لضاعت كل اعمال الخير التي عملوها، فلم يكن عليها ثواب.

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ }.

اولئك الذين آتيناهم الكتُب المنزلة والعلم النافع، وشرفَ النبوة، كما آتيناهم الحُكم، والقضاء بين الناس.

السابقالتالي
2