الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } * { وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ } * { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلَٰدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }

شركاؤهم: سدنة الآلهة التي يعبدونها من الاوثان. لِيُرْدوهم: ليهلكوهم. ليلبسوا: ليخلطوا عليهم. حجر: محجور ممنوع. سيجزيهم: سيعاقبهم الله على هذه المنكرات.

كما زيّنتْ لهم أوهامهم تلك القسمة الظالمة التي مر ذكرها في الآية السابقة من الحرث والابل والبقر وغيرها - زيّنت لهم اوهامهم وتضليلُ شركائهم من خدّام الاوثان وشياطين الانس ان يقتلوا اولادهم. وكان ذلك يتم إما تديُّناً وتقرباً لآلهتهم في الجاهلية، او بسبب من الفقر، كما جاء في بعض الآيات. ومنهم من كان يئد البنات، اي يدفنهن في التراب، خوفا من العار الذي يمكن ان يُلحقنه به.

وكان نَذْر قتل بعض الأولاد جاريا في دينهم، ومن ذلك نذْرُ عبد المطلب ان يقتل آخر اولاده ان وُلد له عشرة ذكور فكان العاشر عبد الله. وفداه بمئة من الابل كما أفتاه بذلك بعض الكهان.

{ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ }.

لقد زينوا لهم هذه الخرافات المنكرة ليهلِكوهم بالاغواء، ويفسدوا عليهم فِطرتهم، حين تنقلب عواطف الوالدين من رحمة ورأفة الى قسوة ووحشية. من ثَمَّ ينحر الوالدُ ولده، ويدفن بنتَه الضعيفة وهي حية.

{ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }.

تلك مشيئة الله في خلقه بما ينتحلونه من شرائع وما يفترون عليه من كذب، فاتركهم ايها الرسول. ان عليك ان تقوم بما أُمرت به من التبليغ، والله هو الذي يتولى أمرهم، وله سُنن فيه هداية خلقه لا تتغير ولا تتبدل.

ثم ذكر الله تعالى ثالثا من آرائهم وديانتهم الفاسدة فقال:

{ وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ... }.

يعني: ومن أوهامهم انهم قسموا أنعامهم وزرعهم أقساما ثلاثة:

1- أنعام وأقوات وحبوب وغيرها ممنوعة، تُجعل لمعبوداتهم، لا يأكلها أحد الا من يشاؤون من خَدَمة الاوثان، ويقولون هي " حِجْر " أي: محجورة للآلهة لا تعطى لغيرهم.

2- أنعام حَرُمت ظهروها، فلا تُركب ولا يُحمل عليها، كما جاء في قوله تعالى بسورة المائدة: { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }.

3- أنعام لا يذكرون اسم الله تعالى عليها عند الذبح، بل يُهدونها لألهتهم وحدها وذلك لكذبهم علىالله تعالى بشِركهم.

ان الله تعالى سيجزيهم بالعذاب في الآخرة، بسبب افترائهم عليه وتحريمهم ما لم يحرمه هو.

ثم ذكر نوعاً آخر من أحكامهم في التحريم بيّن فيه سخفهم وكذبهم على الله فقال:

{ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ... }.

ومن ديانتهم الباطلة أنهم يقولون: ان ما في بطون الأنعام التي لا تُذبح ولا تُركب هو للذكور خاصة، ويحرُم على النساء.

السابقالتالي
2