الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } * { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } * { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } * { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ }

يتدبرون القرآن: يتفهمون معانيه ويتفكرون فيه. ارتدّوا على أدبارهم: رجعوا الى الكفر. سوّل لهم: زين لهم. وأملَى لهم: مدّ لهم الأماني والآمال. أضغانهم: جمع ضِغن وهو الحقد الشديد. بسِيماهم: بعلامتهم. ولتعرفنّهم في لحن القول: في اسلوبه الذي يتكلمون به ومغزاه. ولنبلونَّكم: لنختبرنكم.

افلا يتفهّمون معاني القرآن ويتفكرون فيه، ام ان قلوبهم مغلقةٌ كأن عليها الاقفال! ان الذين رجعوا الى الكفر بعد أن ظهر لهم طريق الحق والهداية، انما زين لهم الشيطانُ الكفر واغراهم بالنفاق، ومد لهم في الآمال الباطلة. ولقد جاءهم ذلك الضلال من جيرانهم اليهود من بني قريظة والنضير الذين كرهوا الاسلام والقرآن ورسالة الرسول الكريم. فهؤلاء المنافقون مالأوا اليهود فأطمعهم أولئك ببعض الامر، والله يعلم اسرار المنافقين.

هذه الحيل وذلك النفاق وان نفعت في حياتهم فلن تنفع آخر الأمر. { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } انها خاتمة سيئة، ومشهد مخيف مفزع.

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }

ان هذا الهول الذي سوف يرونه عند الوفاة انما سببُه أنهم اتّبعوا الباطل الذي لا يرضى الله عنه، وكرهوا الحق الذي يرضاه، فأبطل أعمالَهم جميعها.

ثم بين الله انه يعلم خباياهم ومكرهم وخبثهم فقال:

{ أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ }

فهل يظن هؤلاء المنافقون ان الله لن يُظهرَ أحقادهم ويفضحهم للرسول والمؤمنين! ولو نشاء لعرّفناك يا محمد أشخاصَهم، فعرفَتهم بعلاماتٍ خاصة بهم.

{ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ }

وأُقسِم أيّها الرسول لتعرفنّهم في اسلوبِ كلامهم المعوج، { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ }.

وقد ثبت في الحديث الصحيح ان الرسول الكريم كان يعرفهم جميعا، وقد عرّفهم الى حذيفة بن اليمان الصحابي الجليل رضي الله عنه.

ولنختبرنّكم أيها المؤمنون بالجهاد وتكاليف الشريعة، حتى نعلمَ المجاهدين منكم والصابرين في البأساء والضراء، و نعرفَ الصادقَ منكم في إيمانه من الكاذب.

قال ابراهيم بن الاشعث: كان الفضيل بن عياض، شيخ الحرم واستاذ زمانه، اذا قرأ هذه الآية بكى وقال: اللهمّ لا تبتلينا، فإنك اذا بَلَوْتنا فضحْتَنا وهتكتَ أستارنا.

قراءات:

قرأ ابو عمرو: وأُمليَ لهم، بالبناء للمجهول. وقرأ يعقوب: واملي لهم، بضم الهمزة وكسر اللام على الإخبار. والباقون: وأَملَى لهم بفتح الهمزة واللام على انه فعل ماضٍ.

قرأ حمزة والكسائي وحفص: إسرارهم بكسر الهمزة. وقرأ الباقون: أسرارهم بفتح الهمزة جمع سر. وقرأ ابو بكر: وليبلونكم حتى يعلم المجاهدين.... ويبلوا اخباركم. هذه الافعال الثلاثة بالياء. والباقون: بالنون كما هو في المصحف.