الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } * { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } * { ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ خَـٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ }

بغير سلطان: بغير دليل ولا حجة. ادعوني: اسألوني. داخرين: صاغرين، أذلاء. لتسكنوا فيه: لتستريحوا فيه. تؤفكون: تصرَفون عن الحق.

اعلم يا محمد ان الذين يجادلونك في دين الله بغير حجّةٍ او برهان يعلمونه إنما يدفعهم الى ذلك ما يجدونه في صدورهم من الكيد والحسد، وعنادُهم وطمعهم في ان يغلبوك.

{ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ }

وما هم ببالغي إرادتهم، ولن يصِلوا الى ذلك ابدا.

ثم امر رسوله ان يستعيذ من هؤلاء المجادلين المستكبرين بقوله:

{ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }

الجأ الى الله واستعنْ به فهو السميع لاقوالهم، البصيرُ بأفعالهم.

ثم بين الله تعالى للناس وضعهم في هذا الكون الكبير، وضآلتهم بالقياس الى بعض خلْق الله حتى يعلموا حقيقتهم، فيقول:

{ لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

هذا ما يفهمه أصحاب العقول المدركة، فان إعادة خلْق الانسان أهونُ بكثير من ابتداء خلقه، ومن خلْق هذا الكونِ العجيب. ان قدرةَ الله لا تُحَدّ، فاين الانسان من هذا الكون الهائل؟.

ليس يستوي الأعمى عن الحق والبصير العارف به، ولا يستوي المؤمن العامل بإيمانه والمسيء في عقيدته وعمله، ذلك أن المؤمنين ابصروا وعرفوا فهم يحسنون التقدير، اما الأعمى بجهله فهو يسيء كل شيء. { قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } وما أقلّ ما تتذكرون.

وبعد أن قرر الدليل على إمكان وجود يوم القيامة والبعث، أخبر بأنه واقع لا محالة:

{ إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }

فآمنوا بها أيها الناس تفوزوا، وأطيعوا ربكم اذ أمركم أن تسألوه، فانه قريب يجيب دعاءكم ويعطيكم. أما الذين يتكبرون عن عبادة الخالق فجزاؤهم جهنّم يدخلونها صاغرين.

ثم شرع الله يبين بعض نعمه على الناس، وهي تُظهر عظمته تعالى، لكنهم لا يشكرون عليها فقال:

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ }

من أكبرِ النعم على الناس ان الله جعل لهم الليلَ ليستريحوا فيه من العمل، والنهارَ مضيئا ليعملوا فيه ويكسبوا رزقهم، والله هو المتفضل عليهم بالنعم التي لا تحصى.

{ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } هذه النعم، ولا يعترفون بها.نَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } الآية [إبراهيم: 34].

ثم بين الله كمالَ قدرته وانه الاله الواحد فقال:

{ ذَلِكُـمُ ٱللَّهُ رَبُّـكُمْ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ }

ذلكم الذي انعم عليكم بهذه النعم الجليلة هو الله خالق هذا الكون وما فيه، الإله الواحد المنفرد في الألوهية.

{ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ }

فإلى اي جهة تُصرفون عن عبادته الى عبادة غيره!.

ثم ذكر ان هؤلاء الجاحدين ليسوا ببدعٍ في الأمم قبلهم، فقد سبقهم الى هذا جحود خلق كثير فقال:

{ كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ }

فكما ضلّ هؤلاء بعبادة غير الله ضل الذين قبلهم بلا دليل ولا برهان.

قراءات:

قرأ أهل الكوفة: تتذكرون بتاءَين، والباقون: يتذكرون بالياء. وقرأ ابن كثير ورويس سيدخَلون: بضم الياء وفتح الخاء. والباقون: سيدخُلون بفتح الياء وضم الخاء.