الكلالة: الذي ليس له ولد ولا والد. هلك: مات. روى الإمام أحمد، والشيخان، وأصحاب السنن عن جابر بن عبد الله قال: " دخل عليَّ رسولُ الله وأنا مريض لا أعقِل، فتوضّأ ثم صبّ عليَّ فعقلت. فقلت إنه لا يرثني إلا كلالة فكيف الميراث؟ فنزلت هذه الآية ". والمعنى: إن مات رجل وليس له ولد ولا والد يرثه، لكن له أختاً ـ فإنها تفوز بنصف التركة. وان ماتت امرأة لا ولَد لها لكن لها أخاً واحداً ـ نال ذلك الأخ كل ما تركت من المال. فإن كان للميت اختان فقط فلهما الثلثان، وان كان للمورّث عدد من الإخوة والأخوات تنقسم التركة بينهم: للذكر نصيبان وللمرأة نصيب، والله عالِم بكل ما تعملون. هكذا تختَتَم هذه السورة العظيمة التي بدأت بعلاقات الاسرة، وتكافلها الاجتماعية وتضمنت الكثير من التنظيمات الاجتماعية في ثناياها. إنها تختَتَم بتكملة أحكام الكلالة. وكان قد ورد بعض هذه الأحكام في أول السورة، بقوله تعالى: { وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ....... } الآية. ومع ختم آية الميراث، تختَتَم السورة بذلك التعقيب القرآني الذي يردّ الأمورَ الى الله ويربط تنظيم الحقوق والواجبات والأموال وغير ذلك بقوله { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }. { بِكُلِّ شَيْءٍ } من الميراث وغيره من علاقات الأُسَر والجماعات، والمجتمع وما فيه، من الأحكام والتشريعات. والخلاصة: إن سورة النساء عالجت أحوالَ المسلمين فيما يختص بتنظيم شئونهم الداخلية، وحفظ كيانهم الخارجي، لم تقف عند حد التنبيه على عناصر المقاومة المادية، بل نبهت على ما يجب ان تَحفظ به عقيدة الأمة ومبادءَها من الشكوك والشُّبه. وفي هذا ايحاء يجب على المسلمين ان يلتفتوا اليه هذه الأيام، وهو ان يحتفظوا بمبادئهم كما يحتفظون بأوطانهم، وان يحصِّنوا انفسهم من شر حربٍ هي أشد خطراً وابعد في النفوس أثرا من حرب السلاح المادي: تلك هي حرب التحويل من دين الى دين، مع البقاء في الأوطان والاقامة في الديار والأموال.. أَلا وان بقاء شخصية الأمة ليتطلب الاحتفاظَ بالجانبين: جانب الوطن والسلطان، وجانب العقيدة والايمان. وذلك كي نسترد ما ذهب من أوطاننا، وندرأ الخطر الكبير الذي يحيط بنا، من عدوٍ غاشم لا يتمسّك بدِين ولا خُلُق.