الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً }

جهرة: عيانا، جهرا. الصاعقة: الشرارة الكهربائية التي تسبق سماع الرعد. البينات: الدلائل الواضحة.

في هذه الآية الكريمة وما يليها بيان لتعنُّت اليهود وجدلهم واصرارهم على الكفر، فقد طلبوا الى رسول الله ان يأتيهم بكتاب من السماء { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } يَرَوْنَه ويلمسونه بأيديهم. فقد قالوا: يا محمد، إن موسى جاء بالألواح من عند الله، فأتِنا بألواح مكتوبة بخط سماوي يشهد انك رسول الله.

ولقد روى الطبري في تفسيره ان اليهود قالوا للنبي: " لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله يكون فيه " من الله تعالى الى فلان.. انك رسول الله، والى فلان.. انك رسول الله، وهكذا، ذكروا أسماء معينة من أحبارهم ". وما قصدُهم من ذلك الا التعنت والجدل. ولن يقتنعوا حتى لو انزل الله ذلك الكتاب ولمسوه بأيديهم كما قال تعالى.وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } [الأنعام:7].

فلا تعجب ايها الرسول من سؤالهم هذا، فقد سألوا موسى فقالوا: أرِنا الله عَياناً، فعاقبهم الله بأن أرسل عليهم صاعقة أهلكتهم. ولم يقِفوا عند هذا الحدّ بل ازدادوا كفراً، فاتخذوا العجل إلَها وعبدوه، وهم عبيد الذهب والمادة، كل هذا رغم ما جاءهم به موسى من الأدلة الواضحة. ومع ذلك فقد عفونا عنهم. لكن العفو لم ينفع معهم ولم يقدّروه، فآتينا موسى سُلطة ظاهرة فأخضعناهم له.