الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } * { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ٱلْقِيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } * { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } * { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

الفساد: الخلل والاضطراب وإلحاق الضرر بالغير، والجدب والقحط والظلم والبغي. لعلّهم يرجعون: لعلهم يتوبون. لا مردّ له: لا يقدر احد ان يرده. يصّدّعون: يتصدعون، يتفرقون. يمهَدون: مهد الفراش: وطأهُ، ومهد لنفسه خيرا: هيأه.

يبيّن الله تعالى هنا ان الفسادَ يظهر في الأرض متمثِّلاً بالظلم والبغي والبؤس والفقر والقلق والحيرة، وذلك بسبب ما كسَبت أيدي الناس من الذنوب، وتركِهم لأوامر الله، والبعدِ عن دينهم.

إذن فإن الفساد في العباد إنما كان نتيجةَ أفعالهم. من ثَم أرشدهم الله الى ان من كان قبلَهم ممّن كانت أفعالُهم كأفعالهم - قد أصابهم الله بعذاب من عنده، وصاروا مثلا لمن بعدهم وعبرة لمن خلفهم فقال:

{ قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ }

قل يا ايها النبي للمشركين: سيروا في نواحي الأرض، فانظُروا كيف كانت نهايةُ الذين مضَوا قبلكم؟ لقد أهلكهم الله وخرّب ديارهم لأن اكثرهم كانوا مشركين مثلكم.

{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينَ ٱلْقِيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ }

اسلك ايها الرسول الطريقَ المستقيم الذي رسمه لك ربك، وهو الدين الكامل، من قبلِ ان يأتي يوم لا يستطيع احد ان يرده، هو يوم الحساب. يومئذ يتفرق الناس بحسب اعمالهمفَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [الشورى:7].

ثم بين أن ما ناله كل منهم من الجزاء كان نتيجةً حتمية لعمله فقال:

{ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ }

إنهم يهيّئون لأنفسهم الخيرَ وهم في الجنة خالدون.

{ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

وهذا سيكون يوم القيامة، حيث يلاقي كل انسانٍ ما عمله حاضراً.

قراءات:

قرأ ابن كثير ويعقوب: لنذيقهم بالنون. والباقون: ليذيقهم بالياء.