الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِيۤ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } * { فَآتَاهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }

ربيون: مفرده ربّيّ. الجماعات الكثيرة، وله معنى آخر هو الربانيون، اي العلماء الأتقياء. وهنوا: ضعفوا. استكانوا: خضعوا للعدو. الاسراف: مجاوزة الحد في كل شيء.

ما أكثر الأنبياء الذين قاتل معهم جماعات ممن آمنوا بهم فما خافوا ولا ضعفوا ولا خضعوا، ولا ولّوا الأدبار منهزمين، بل ثبتوا وصبروا على ما أصابهم في سبيل الله، والله يحب الصابرين.

فعليكم يا أصحاب محمد ان تعتبروا بحال أولئك الرَّبِّيين وتصبروا كما صبروا. ولذلك طُلب اليكم ان تعرفوا عاقبة من سبقكم من الامم، وتقتدوا بعمل الصادقين منهم، وتقولوا مثل قولهم عند اشتداد الحرب ونزول الكوارث. ذلك انهم مع ثباتهم وصبرهم ضرعوا الى الله بالدعاء قائلين: ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وتجاوْز عما يكون منّا من إسراف في أعمالنا، وثبِّتنا في مواطن الحرب، ربّنا وانصرنا على أعداء دينك الذين جحدوا ألوهيتك.

وفي هذا اشارة الى ان الذنوب والإسراف في الأمور من عوامل الخذلان، فيما الطاعة والثبات والاستقامة من أسباب النصر والفلاح.

اذ ذاك لبّى الله طلبهم بقوله: فآتاهم الله ثواب الدنيا، بالنصر على الأعداء، والسيادة في الأرض، والكرامة في الحياة، والذِّكر الحسن بين الناس؛ وثوابَ الآخرة اذ فازوا برضوان الله ورحمته.

والله تعالى يتلو على نبيّه هذه الآيات ليعلّمنا الاقتداء بالصالحين من الأمم السابقة، ويؤدبنا بأدب المؤمنين مع ربهم، ويُفهمنا أننا اذا أخلصنا حقاً وثبتنا على مبادئنا ثم طلبنا منه النصر فإنه يجيبنا وينصرنا بكرمه وفضله.

قراءات:

قرأ ابن كثير: " كأين " بدون تشديد، والباقون " كأين " بتشديد الياء. والمعنى واحد.