الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } * { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

لما بين الله فيما تقدم ان المشركين يعترفون بان الله هو الخالق والمدبر لهذا الكون، ومع ذلك فانهم يتركون عبادته اغترارا بزخرف الدنيا وزينتها - بين هنا ان الدنيا وما فيها باطلٌ وعبث زائل، وانما الحياة الحقيقية هي الحياة الآخرة التي لا فناء بعدها، ولكنهم لا يعلمون.

ثم ارشد الى انهم مع اشراكهم بربهم سِواه في الدعاء والعبادة، اذا هم ابتلوا بالشدائد كما اذا ركبوا البحر وعلتهم الامواج من كل جانب، وخافوا الغرق - دعوا الله معترفين بوحدانيته ولكنهم سرعان ما يرجعون بعد نجاتهم ويعودون سيرتهم الأولى.

{ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ }

لينكروا ما أعطيناهم من النعم، ويتمتعوا بلذّاتهم وشهواتهم، فسوف يعلمون عاقبةَ الكفر حين يشاهدون العذابَ الأليم. وفي هذا تهديد كبير لو كانوا يعلمون.

ثم يذكّرهم بنعمة الله عليهم باعطائهم هذا الحرمَ الآمن يعيشون فيه بأمن وسلام، فلا يذكرون نعمة الله ولا يشكرونها.

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ؟ }

لقد جعلهم الله تعالى في بلد آمن يعيشون فيه، يعظّمهم الناس من أجل بيت الله، ومن حولهم القبائل تقتتلُ وتتناحر، فلا يجدون الأمان الا في ظل البيتِ العظيم. وقد من الله عليهم بقوله: { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ }.

ثم بين ان العقل كان يقضي بأن يشكروا هذه النِعم، لكنهم كفروا بها فقال:

{ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ؟ }.

ولما وضحت الحُجة، وظهر الدليل، ولم يكن لهم فيه مقنَع - بين انهم قوم ظلمة مفترون مكذبون فقال:

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ }.

ليس هناك احدٌ أشدَّ ظلماً ممن نَسَب الى الله ما لم يشرعه، او كذّب بالدين الحق. ان مثوى هؤلاء واشباههم جَهنمُ وبئس المصير.

ثم يختم السورةَ بصورة المؤمنين الّذين جاهدوا في الله، واحتملوا الأذى، وصبروا ولم ييأسوا، الذين اهتدوا بهدى الله وساروا على الصراط المستقيم فقال:

{ وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ }.

أولئك لن يتركهم الله وحدهم ولن يضيع ايمانهم، ولن ينسى جهادهم، وان الله لمعهم يعينهم ويؤيدهم بالنصر والتوفيق.

قراءات:

قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: لْيكفروا ولْيتمتعوا، بسكون اللام. والباقون: لِيكفروا وليتمتعوا، بكسر اللام.