الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } * { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } * { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } * { يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } * { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً } * { وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } * { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } * { أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } * { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

هونا: برفق ولين، يمشون بسكينة ووقار. الجاهلون: السفهاء. سلاما: مسالمة ومسامحة. غراما: هلاكا. لم يسرفوا: لم يجاوزوا الحدود في النفقة. ولم يقتُروا: لم يضيّقوا على عيالهم بالبخل والشح. قَواما: وسطاً. مَتاباً: مرجعا حسنا. مرّوا كراما: لم يخوضوا باللغو مع الخائضين. لم يخرّوا عليها صمّا وعميانا: انهم يتفهمون ما يلقى عليهم، ولا يأخذونها بدون فهم. قرة أعين: ما يسر الأعين ويفرحها. واجعلْنا للمتقين إماما: المام يُستعمل للمفرد والجمع. الغرفة: كل بناء مرتفع، والمراد بها هنا الدرجات الرفيعة. ما يَعبأ بكم: لا يعتدّ بكم. دعاؤكم: عبادتكم. لزاما: لازما.

{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً.... }.

ختم الله تعالى هذه السورةَ الكريمة بصفاتِ عباده المؤمنين، وبيّن فيها ما لهم من فاضِل الصفات وكامل الاخلاق التي تميّزوا بها، وكانوا قدوة للعالم حين أعطوا المَثَلَ الأعلى في العدل والمساواة والتسامح. وقد عدّد في هذه الآيات إحدى عشرة صفة مما تَشْرئبّ اليها اعناق العاملين، وتتطلع اليها نفوس الصالحين، الذين يبتغون المثوبة. وهي:

1 - فعباد الرحمن هم المتواضعون لله، يمشُون في سَكينة ووقار غيرَ متكبرين. وليس معنى هذا أنهم يمشون متماوتين منكّسي الرؤوس كما يفهم بعضُ الناس ممن يريدون إظهار التقوى والصلاح، كلا فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعَ الناس مِشيةً وأحسَنَها وأسكنها.

2 - واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما: اذا اعترضهم السفهاءُ وسبّوهم وآذوهم بالقول السّيء لم يقابلوهم بمثله، بل يعفون ويصفحون، فهم حُلماء لا يجهلون، واذا جُهِلَ عليهم حَلِموا ولم يسفهوا.

3 - والذين يبيتون لربهم سجَّداً وقياما. والذين يصلّون في الليل، لان العبادة في الليل أبعد عن الرياء. قال ابن عباس: من صلى ركعتين او اكثر بعد العشاء فقد بات لله ساجدا. وليست العبادة بالكثرة، ولكنها بالاخلاص والخشوع والنية الصافية.

4 - والذين يقولون ربَّنا اصرفْ عنا عذابَ جهنم.... وهم يغلِّبون الخوف على الرجاء فيسألون الله تعالى ان يبعد عنهم عذاب جهنم وشديد آلامها. فانها بئس المنزل مستقرا ومقاما.

5 - والذين إذا أنفقوا لم يُسرِفوا ولم يَقْتُروا.... ومن صفاتهم العالية الاعتدال في انفاقهم المال، فهم ليسوا بالمبذرين في انفاقهم، ولا ببخلاء على انفسهم وأهليهم، وهم اجواد في مصالح الناس والوطن وعمل الخير.

6 - والذين لا يدْعون مع الله إلهاً آخر.... والذين لا يعبدون غير الله ولا يشركون به احدا، بل يخلصون له العبادة والطاعة.

7 - ولا يقتلون النفسَ التي حرَّم الله لا بالحقّ. لا يُقْدِمون على هذه الجريمة الكبرى بغير حق،مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً }

السابقالتالي
2