الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً } * { يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً } * { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } * { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } * { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } * { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَافِرِينَ عَسِيراً } * { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً } * { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } * { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً }

لا يرجون: لا يخافون ولا يتوقعون. واستكبروا في أنفسِهم: تكبروا، تمكن الكبر من نفوسهم. وعتَوا عتواً كبيرا: تمردوا، وتجاوزا حدا كبيرا في الظلم. لا بشرى لهم: سوف يكون ذلك اليوم مصدر ازعاج لهم لا بشارة فيه. حِجراً محجورا: تعبير تقوله العرب عندما ينزل بهم مكروه، ومعناه نسأل الله ان يمنع ذلك منعا، ويحجره حجرا. وقدِمنا الى ما عملوا: ونأتي الى ما عملوه. هباء منثورا: غبارا متفرقا لا قيمة له. خيرٌ مستقرا: افضل مكان يُستقر فيه. وأحسن مقيلا: وأحسن مكان للراحة والقيلولة.

وقال الذين ينكرون البعث، ولا يتوقّعون لقاءنا: لماذا لا تُنَزَّلُ علينا الملائكةُ فيخبرونا بأن محمداً صادقٌ فيما يدّعي؟ ولماذا لا نرى الله فيخبرنا بأنه أرسلك؟ لقد استكبروا ووضعوا أنفسَهم في مكانٍ لا يستحقونه، وتجاوزوا الحد في الظلم والطغيان.

ثم بين الله انهم سيَلْقَون الملائكة يوم القيامة، ولكن ذلك اليوم لن يسرَّهم ولن يكون لهم فيه بشارة، وسوف يقولون لهم: لا بشرى لكم اليوم. ويومئذٍ يقولون: { حِجْراً مَّحْجُوراً } حراماً محرَّماً، وهي جملة تقال اتقاءً للشر والأعداء، وذلك لا يعصمهم من العذاب.

{ وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً }

ويوم القيامة نأتي الى ما عملوه من الخير فنحرِمُهم ثوابه ونجعلُه كالغبار المتطاير في الهواء، لا قيمةَ له ولا وزن.

{ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً }

وفي المقابل ستكون منازلُ اهل الجنة في ذلك اليوم خيراً من منازل المشركين، فهي أحسن الأماكن للاستقرار الدائم، وأعظمها راحةً وسعادة.

{ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً.... }

في ذلك اليوم يختلف كل نظام هذا العالم الذي نراه، فتنفرج السماءُ ويُحشر الناس جميعا. وعند ذلك تنزل الملائكةُ، ويكون المُلك لله وحده، ويكون اليوم شديدا عسيراً على الجاحدين. يومئذ يتحقق الظالمون انهم كانوا على الباطل، فيعَضُّ الظالمُ منهم على يديه من الندم ويقول متمنيا: يا ليتني اتبعتُ الرسُل وآمنت بهم.

ثم ان ذلك الظالم يتحسّر ويأسف ويقول: يا ليتني لم أصادقْ ذلك الصاحبَ الذي أضلَّني وأبعدني عن الخير، وعن ذكر الله بعد ان يسَّره الله لي. لقد خذلني الشيطان. ولكن هذا كله لن ينجيه من العذاب.