الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ } * { لَّوْلاَ جَآءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ فَأُوْلَـٰئِكَ عِندَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } * { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ } * { وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } * { يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَيُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلآيَاتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

الإفك: الافتراء، والفعل أفَك يأفِك مثل ضرب يضرب، وأفِك يأفَك: مثل علم يعلم. وأفك الناسَ: كذبهم. العصبة: الجماعة. تولى كبره: تحمل معظمه. إفك مبين: كذب ظاهر. لولا: بمعنى هلا. أفضتم فيه: خضتم فيه. اذ تُلقون بألسنتكم: اذ تتلقون الافك ويتناقله بعضكم عن بعض. بهتان عظيم: كذب محير لفظاعته. تشيع: تنتشر. الفاحشة: الزنا، وكل امر قبيح.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.

نزلت هذه الآيات العشر في شأن عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، حين رماها أهلُ الافك والبهتان من المنافقين ومن انضمّ اليهم من بعض المؤمنين بما قالوه من الكذب والافتراء. وكان القصدُ من ذلك إيذاءَ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في أحبّ نسائه اليه، فأنزل الله تعالى هذه الآيات لبراءتها. وهذا باتفاق المفسرين والرواة من جميع الطوائف والمذاهب الاسلامية إلا من شذ.

وقد روى حديثَ الافك عددٌ من العلماء في مقدمتهم البخاري عن السيدة عائشة وابن الزبير؛ وام رومان ام السيدة عائشة؛ وابن عباس وابي هريرة وابي اليسر. كما رواه عدد من التابعين. والحديث طويل من أراده فليرجعْ الى صحيح البخاري وسيرة ابن هشام وغيرهما.

وخلاصته: ان الرسول الكريم كان إذا اراد سفراً عمل قُرعةً بين زوجاته، فالتي تخرج قرعتها أخذها معه. وفي سنة ستٍ من الهجرة (كما حدّدها ابن هشام في السيرة) خرج الرسول الى غزوة بني المصطَلِق وأخذ السيدة عائشة معه. فلما انتهى من الغزوة رجع، تقول السيدة عائشة: " حتى اذا قَفَلْنا ودنونا من المدينة، نزلنا منزلا. ثم نوديَ بالرحيل في الليل، فقمتُ لأقضي حاجة، ومشيتُ حتى جاوزتُ الجيش. فلما قضيت شأني أقبلت الى رحلي فلمست صدري فاذا عِقدي قد انقطع. فرجعتُ ألتمسه. فحبَسَني ابتغاؤه. وجاء الذين توكلوا بهَوْدَجي فاحتملوه ووضعوه على بعيري وهم يحسبون اني فيه لخفّتي في ذلك الوقت. ورحَلَ الناس. وبعد ان وجدت عقدي جئت الى منزل الجيش فلم أجد أحدا، فجلست في مكاني وأنا أعلم أنهم سوف يفتقدونني ويعودون في طلبي. فبينما أنا جالسة في مكاني غلبتني عيني فنمت. وكان صفوانُ بن المعطّل السُّلَمي قد تخلف عن الجيش، فلما رآني عرفني، فاستيقظت على صوته وهو يقول: إنا لله وانا اليه راجعون. فخمَرتُ وجهي بجلبابي، وواللهِ ما تكلّمنا بكلمة ولا سمعت منه غير استرجاعه. ثم أناخ راحلته فقمتُ إليها فركبتها، وانطلق يقود بي الراحلة حتى ادركنا الجيشَ عند الظهر وهم نزول. وكانوا قد افتقدوني وماج القوم في ذكري. فبينما الناس كذلك إذ وصلتُ عندهم.

السابقالتالي
2 3