الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ } * { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ }

اتقوا ربكم: أطيعوه ولا تعصوه. الزلزلة: حركة الأرض الشديدة. تذهَل: تسلو وتترك الشيء من الدهش والخوف. المَريد: الطاغي، الشرير. النطفة: كمية قليلة من ماء الرجل. العلَقة: القطعة الصغيرة الجامدة من الدم. المضغة: القطعة الصغيرة من اللحم بقدر ما يمضغ. مخلَّقة: تامة الخلقة. غير مخلقة: غير تامة الخلقة. الى اجل مسمى: حين الوضع. لتبلغوا أشُدكم: تكمل قوتكم. أرذل العمر: آخره مع الكبر والخرف بحيث لا يعرض شيئا. هامدة: يابسة لا حياة فيها. اهتزت: تحرك نباتها. وربت: ازداد نباتها نموا. من كل زوج بهيج: من كل صنف حسنٍ يسر الناظرين.

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ }.

تبدأ السورة بمطلع رهيب مخيف: يا أيها الناس، نداءٌ الى جميع الخلق، احذَروا عقاب ربكم، فأطيعوه ولا تعصوه.. إن زلزلة الساعة، وهي قيامُ بعد خراب هذا الكون - شيء مذهل. ففي ذلك اليوم يبلغ الأمر من الهول والدهشة، ان تذهَل المرضعةُ عن ولدها فتتركه وتحاول ان تنجوَ بنفسها، وتُسقط الحوامل ما في بطونها من الأجنة من الفزع. وترى الناسَ كأنهم سكارى مع أنهم ليسوا كذلك، لكن شدة الموقف وعظمة الساعة وما فيها من أهوالٍ جعلتهم بهذا الحال،يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } [المزمل:17]. ان الهول الذي يشاهدونه والخوفَ من عذاب الله الشديد هو الذي أفقدَهم توازنهم، وجعلهم في حيرة مذهلة.

قراءات

قرأ حمزة والكسائي: سكرى، والباقون: سكارى.

وبعد ان أخبر الله تعالى ما في القيامة من أهوالِ وشدائد، ودعا الناس الى التقوى والعمل الصالح، بيّن أنه مع هذا التحذيرِ الشديد فإن كثيراً من الناس ينكرون هذا البعث، ويجادلون في امور الغيب بغير علم فقال:

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ }.

مع هذا التحذير الشديد، فإن بعض الناس يدفعه العناد الى الجدَل في الله وصفاته، لا يستند في جَدَله وإنكاره الى علمٍ صحيح او حجة صادقة، ولكنه يقلّد ويتّبع خطواتِ كل شيطان متمرد على ربه، شريرٍ دأبُهُ الفساد والضلال.

ولقد قرر الله وقضى أن كل من اتبع ذلك الشيطانَ، وسلك سبيله - أضلّه الشيطان عن طريق الحق، ووجهه الى الباطل المفضي به الى عذاب جهنم.

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ }.

يا أيها الناس إن كنتم في شكٍّ من بَعْثِكم من القبور بعد الموت يوم القيامة، فانظروا الى خلقكم. لقد خلقناكم من تراب. ثم جعلنا منه نطفةً صغيرة حولناها بعد مدة الى علَقة، أي قطعة صغيرة من الدم، ثم الى مُضْغة وهي قطعة صغيرة من اللحم، تارة تكون تامة الخلقة، وتارة غير مخلقة.

السابقالتالي
2