الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } * { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } * { يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } * { يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ }

بغير علم: بغير معرفة ولا مشاهدة حسّية. ولا هدى: ولا نظرٍ صحيح ولا عقل. ولا كتاب منير: ولا وحي. ثاني عطفه: جاء متكبرا مختالا. على حرف: على ناحية معينة، اذا رأى شيئا لا يعجبه عَدَل عنه. وأصل معنى الحرف الطرَف، وله معان كثيرة. فان أصابه خير: مالٌ وكثرة في الولد. فتنة: بلاءٌ ومحنة في نفسه او أهله او ماله. انقلب على وجهه: ارتد عن دينه. خسر الدنيا والآخرة: ضيّعهما. يدعو من دون الله ما لا يضره...: يعبد غير الله. المولى: الناصر. العشير: الصاحب المعاشر.

{ ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ }.

ومع كل هذه الأدلة الواضحةِ فإن بعضَ الناس يجادل في الله وقدرته، وينكر البعثَ بغير معرفة، ولا برهان عقليّ على ما يقول، ولا وحي من عند الله ينير صحته.

{ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ }

تراه متكبراً مختالا بين الناس، مُعْرِضا عن قبول الحق، ليصدّ المؤمنين عن دينهم.. وهذا الصنفُ من الناس له في هذه الدنيا هوان وخِزي، وسيصلَى في الآخرة عذاب الجحيم.

قراءات

قرأ ابن كثير وابو عمرو ورويس: ليَضِل بفتح الياء، والباقون: ليُضل بضم الياء.

ثُم يبيّن الله سبب هذا الخزي المعجَّلِ والعذابِ المؤجل فقال:

{ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلعَبِيدِ }.

ويقال لهذا المتكبر المختال الضال: ذلك الذي تلقاه من خزي وعذاب بسببِ ضلالك وكبريائك، واللهُ لا يظلم أحدا.

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآُخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ }

ومن الناس نوعٌ آخر لم يتمكن الإيمان من قلبه، فهو كأنه واقف على طرف غير ثابتٍ على حال، فهو مزعزع العقيدة، مضطرِب مذبذَب، يعبد الله على وجه التجربة. فان اصابه خيرٌ بقي مؤمنا، وإن أصابه شر من مرض او ضياعِ مال او فقد ولد - ترك دينه وارتدّ كافرا. خسِر الدنيا والآخرة... فخسر في الدنيا راحةَ البال والاطمئنان الى قضاء الله، كما خسر في الآخرة النعيم الذي وَعَدَ الله المؤمنين به.

وذلك هو الخسران الذي لا خسران مثله.

{ يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ }.

ان مثلَ هذا يعبد من دون الله أصناماً لا تضره ولا تنفعه. وأيُّ ضلالٍ وخسران اكبر من هذا الضلال، وابعد عن الهدى!!

{ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ }.

يدعو من دون الله من ضررُه أقربُ من نفعه، لبئس ذلك المولى ناصراً، ولبئس ذلك المعبودُ من صاحبٍ معاشر لا فائدة منه.

السابقالتالي
2